أميرة وإبتسام.. رمزان للتميز في الزراعة البيئية في الجزائر
في بلدة دواودة، التي تقع على بعد حوالي 30 كيلومتراً غرب العاصمة الجزائر، تخوض امرأتان شجاعتان تجربة فريدة في الزراعة البيئية. أميرة مسوس وإبتسام محتوت، سيدتان تحملان شغفاً كبيراً تجاه الأرض والزراعة، تقودان مشروعاً زراعياً غير تقليدي في مجتمع زراعي يهيمن عليه الرجال بشكل كبير.
في 30 مايو 2024، وفي حقولهن المفعمة بالحياة، كانتا تفحصان حصادهما الأخير من الفراولة والطماطم والبصل. أميرة، البالغة من العمر 28 عاماً، تقف بفخر تحمل جذور الشمندر التي اقتلعتها للتو من الأرض، وتقول “بمجرد أن أكون على الأرض، أكون سعيدة. من الصباح حتى المساء، نحن هنا. بالنسبة لي، هذه هي أفضل مهنة في العالم”.
بعد حصولهن على ماجستير في التنوع البيولوجي والبيئة النباتية من جامعة العلوم والتكنولوجيا هواري بومدين، قررتا العودة إلى الأرض والانخراط في زراعة تحترم الدورات الطبيعية دون اللجوء إلى المبيدات الحشرية.
تحديات وتغلبات
في البداية، كان الاندماج في مجتمع زراعي يهيمن عليه الرجال تحدياً كبيراً لأميرة وإبتسام. تقول أميرة “في البداية، كانت فكرة الاندماج في مجتمع الرجال تخيفنا قليلاً”. لكنها تضيف بفخر “المزارعون سعداء برؤية نساء متعلمات على الأرض، يأخذون الوقت لشرح الأمور لنا، وهذا يعزز من قيمة عملهم”.
بميزانية صغيرة ابتدأت بـ 60,000 دينار جزائري (حوالي 410 يورو)، تمكنتا من شراء الأدوات الأساسية لبدء المشروع. وقد حصلتا على التدريب والدعم من جمعية محلية، التي تروج للزراعة البيئية. وتقول إبتسام، البالغة من العمر 29 عاماً، “تعلمنا كيفية الزراعة، والبذر، والعمل على التربة”.
استراتيجية تسويق مبتكرة
يعتمد نجاحهن أيضاً على استراتيجية تسويق مبتكرة تجمع بين وسائل التواصل الاجتماعي والتواصل المباشر مع المستهلكين. كل أسبوع، يعرضن منتجاتهن من الفواكه والخضروات على حسابهن في إنستغرام، حيث يمكن للعملاء المهتمين حجز سلاتهم عبر واتساب، ثم استلامها صباح الجمعة في مزرعة تعليمية في زرالدة.
تقول فاطمة زهرة، زبونة مخلصة تبلغ من العمر 72 عاماً، “من حين لآخر، نريد تناول شيء صحي. وعندما اكتشفت المبيعات للمشتركين، وجدت هؤلاء الفتيات لطيفات جداً، وأردت تشجيعهن”.
تأثير مجتمعي وتربوي
تبيع أميرة وإبتسام ما بين 10 إلى 30 سلة أسبوعياً، تعتمد مكوناتها على الموسم، وغالباً ما تكون أكثر تنوعاً في فصول الربيع والصيف. بالإضافة إلى السوق الأسبوعي، تقدم المزرعة النموذجية في زرالدة مساحة للقاءات المجتمعية حيث يتم تنظيم دورات طبخ، وأنشطة فنية، وزيارات للأطفال.
تثبت أميرة مسوس وإبتسام محتوت أن النساء يمكنهن تحقيق النجاح والابتكار في مجال الزراعة البيئية في الجزائر. من خلال التفاني والشغف والعمل الجاد، نجحتا في خلق نموذج ملهم يُحتذى به في مجتمعات الزراعة التقليدية، مما يفتح الأبواب أمام مزيد من النساء للانخراط في هذا المجال.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الزليج الجزائري يتوج في معرض “إكسبو 2025 أوساكا” باليابان
تألقت الجزائر مجددًا على الساحة الدولية من خلال تتويجها بالميدالية الفضية لأفضل تصميم خارج…