‫الرئيسية‬ في الواجهة رأي الافتتاحية إنسانية الغرب اللا إنسانية
الافتتاحية - 10 يوليو، 2024

إنسانية الغرب اللا إنسانية

قمة الحلف الأطلسي في الولايات المتحدة الأمريكية
في قمة الحلف الأطلسي في الولايات المتحدة الأمريكية واجتماع مجلس الأمن، أبدى العالم استياءه من وفاة المدنيين الأوكرانيين في قصف يُزعم أنه روسي متعمد، والذي أسفر عن سقوط عدد من الأطفال. حتى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، توعد روسيا وأكد دعمه لأوكرانيا ماليًا وبالأسلحة. قدم الناتو لأوكرانيا دعمًا عسكريًا بقيمة 40 مليار دولار، إضافة إلى تشكيل قاعدة تدريب عسكرية ضخمة في ألمانيا لتدريب الأوكرانيين وضمان استمرار الحرب ضد الروس.

إنسانية الغرب لم تتحرك عند قصف شبه جزيرة القرم وقتل أطفال روسيا على شاطئ البحر، ولم تتحرك أيضًا عندما قتلت أوكرانيا 14,500 مواطن روسي في منطقة الدونباس وقصفت سكانها لسنوات. وقد اعترفت أنجيلا ميركل، مستشارة ألمانيا السابقة، وفرانسوا هولاند، الرئيس الفرنسي الأسبق، بأن اتفاقية منسك الأولى والثانية كانت تهدف لاستغفال الروس وربح الوقت لتسلح أوكرانيا واستعدادها عسكريًا لمواجهة روسيا كما يحدث الآن.

الآلاف من الفلسطينيين قتلوا ولا يزالون يُقتلون يوميًا على يد الآلة الحربية الإسرائيلية، ولم يجرؤ الناتو على إصدار بيان تنديد واحد أو حتى جملة تحذير لإسرائيل. إنسانية الغرب الغريبة تتمثل في عاطفة جياشة وبكاء في اتجاه واحد، رغم أن الإنسان لا يتجزأ ولا يجب أن يخضع لتمييز عاطفي.

الاتحاد الأوروبي، ورغم وعوده بعقد اجتماع شراكة مع إسرائيل لمناقشة احترام حقوق الإنسان، فرضت إسرائيل شروطها وسكت الاتحاد الأوروبي، وكأن الإنسانية لها عنوان واحد هو أوكرانيا فقط. البلد الغني جدًا بثرواته الباطنية، والذي يعتبره الغرب مستقبله الذهبي لاحتوائه على المعادن النفسية والنادرة.

إنسانية الغرب مرتبطة فقط بالنهب ومصالحه الاستعمارية، يتباكى على ضحايا أوكرانيا وربما يكون شريكًا في قتلهم، لكنه لا يهتم بوفاة الأطفال الروس ولا الفلسطينيين ولا الصينيين ولا السودانيين ولا الأفارقة في الكونغو. ونتذكر ما فعلته بريطانيا في تاريخها الإجرامي للشعب الصيني العظيم عندما أغرقت بلاده بالأفيون الشهير الذي كاد أن يدمر الصين وزرعت مساحات ضخمة من المخدرات في الهند المجاورة لتحقيق المهمة القذرة. ولا عاطفة للغرب من مقتل أي عربي أو مسلم ما لم يكن وراءه مصلحة يجنيها. بل صنعت له هيلاري كلينتون تنظيم داعش الذي قتل الآلاف من المسلمين، وقد يصنعون مصائب أخرى أعقد وأخطر مستقبلًا.

توجه الحلف الأطلسي واضح، إما أن يسيطر على أوكرانيا أو الحرب حتى تدمير روسيا إذا استطاع. لكن سيكون هدفه في تدمير روسيا صعب المنال وقد يدفع ثمنًا باهظًا جدًا هذه المرة، فالمواجهة لن تنجو منها شعوبهم ولن تنجو منها أمريكا نفسها مهما فعلت، فهي في فوهة المدفع الروسي وما يصيب روسيا سيصيب أمريكا وربما بالأضعاف.

الناتو أظهر أنه هو الفاعل في أوكرانيا، وهو من يحارب روسيا والصين وغيرها من الدول والشعوب التي ترفض هيمنته وتكافح من أجل استقلالها والتحكم في ثرواتها. أمريكا والغرب يقودان العالم إلى الكارثة الكبرى، كارثة فناء الإنسانية.

لخضر فراط صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر
 

اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…