الافتتاحية - 10 أغسطس، 2024

إيمان جزائرية من ذهب

إيمان جزائرية من ذهب
فازت إيمان خليف بالذهبية ورفعت راية الجزائر عاليًا في المحفل الدولي الأولمبي، ورافقها الآلاف من الحناجر تردد “قسما” أثناء عزف النشيد الوطني في العاصمة الفرنسية باريس، للمرة الثانية بعد فوز كيليا نمور بأول ذهبية. عمت الفرحة شوارع باريس والمدن الجزائرية، فرحة عبر عنها الجميع؛ شبابًا، نساءً، ورجالًا، وهي فرحة تثبت أن الجزائرية والجزائري قادران على تحقيق الانتصارات والإنجازات رغم كل الصعوبات.

ذهبية إيمان لها نكهة وطعم خاص جدًا لأنها ذهبية لبنت من الأرياف الجزائرية، حققت ما كانت تحلم به منذ سنوات. وفي رياضة الملاكمة، أصعب رياضة بالنسبة للبنت، حققت إيمان التي حاربتها جورجيا ميلوني لأنها امرأة من غير مجتمع الغرب، وقدمت لنساء الجزائر والعالم العربي نموذجًا مغايرًا للنمط الذي يريد الغرب العنصري أمثال جورجيا ميلوني رؤيته.

الغرب لا يريد رؤية امرأة جزائرية مثل إيمان خليف، فهذا يقلقه كثيرًا بل يؤلمه؛ لأن المرأة بالنسبة له في بلداننا يجب أن تكون في الشكل النمطي الذي رسمه لها منذ صناعة حركة الإخوان المسلمين من قبل المخابرات البريطانية. لا يمكن تفسير ما قامت به جورجيا ميلوني ضد إيمان خارج هذا الإطار النمطي وخارج الفكر الاستعماري المتعالي.

كما لا يمكن تفسير مواقف ترامب الرئيس الأمريكي السابق، ولا مواقف ماسك، ولا حتى كلام الممثل الروسي في مجلس الأمن خارج هذه الرؤية النمطية. لا يمكن أن تكون امرأة جزائرية، وقد شككوا في أنوثتها، ولا ننسى جماعة المخزن التافهة وحملتهم السمجة ضد إيمان؛ فقد أصبحوا عنصريين بل كلابًا للغرب وأدوات لمحاولة تحطيم كل ما هو جزائري.

الاستشهاد بجماعة المخزن بما يكتب بعض الأوروبيين ضد إيمان خليف لن يفيدكم؛ فهم كذبة ونعرفهم. بالأمس فقط اختلقوا قناطير الأكاذيب دون تأنيب ضمير ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويمكن العودة لما كتبوا من أكاذيب في الإعلام البريطاني: “مريض عقليًا”، “مصاب بالسرطان”، “سيموت خلال أشهر”، “سيقتل قريبًا”. سيناريوهات كلها كذب وافتراء، فلم أفاجأ بما يكتب ضد إيمان خليف؛ فهم قادرون على صناعة أبشع الإشاعات والأكاذيب.

ذهبية إيمان تجسد قصة كفاح سنوات لبنت ريفية ضد الفقر والتهميش، وضد الظلم الاجتماعي الذي تتعرض له المرأة التي تريد كسر القيود والتحرر للوصول إلى القمة مثل إيمان. إيمان ستتحول إلى أيقونة جزائرية ستنير طريق أجيال من بنات الجزائر، ولو كره الحاقدون.

إيمان قصتها من ذهب؛ اختارت أصعب طريق في حياتها للوصول إلى ما تحلم به وهو أن تكون رياضية عالمية، وها هي الآن كذلك وأكثر، بحيث وصلت قضيتها إلى مجلس الأمن عبر دبلوماسي روسي غبي قدم لها خدمة من حيث لا يدري وأدخل اسم إيمان خليف إلى التاريخ العالمي.

إيمان لها إرادة فولاذية؛ لم تلتفت خلفها ولم تعر أي اهتمام للحملة الدولية المسيئة لها والتي قادتها رموز سياسية تتميز بعنصرية وكراهية لكل ما هو جزائري. إيمان هي امتداد لتاريخ المرأة الجزائرية المناضلة، من الكاهنة إلى لالة فاطمة نسومر إلى حسيبة بن بوعلي، وريدة مداد، جميلة بوحيرد، وكل جميلات الجزائر.

إيمان هي فخر الجزائر.

لخضر فراط صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر

اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

المروك على حافة الانهيار الاقتصادي ويبحث منفذا عبر الجزائر

تكثّف دوائر المخزن في المروك خلال الأسابيع الأخيرة حملاتها الإعلامية الممولة عبر مقالات مد…