استفقت اليوم… ربما مثل البارحة
استفقت اليوم، ربما مثل البارحة.
في نفس التوقيت، من نفس الفراش الذي أتعوّد عليه، يضمني كما أضمه، يغمرني كما أغمره. أستنشق حلماً وردياً، وأنظر إلى سماءٍ كئيبة… كانت مشمسة البارحة، فهل تغيّر شيء في قلبي أم في الأفق؟ استفقت اليوم، عكس البارحة، أشعر بثقلٍ في الروح، بقلق لا أعرف مصدره، بأملٍ يحدوني وخوفٍ ينهشني. أحلم بغدٍ يشبه دفء شمس البارحة، لكنّي أتيقن أن الغد لا يُشبه الأمس، وأن عمري، وإن عاد، لن يعود كما كان. استفقت أساير صباحي، أتصور نفسي أمضي، كمن يتحسس جراحاً خفية في داخله… كأنني بعثت من ندم، أو من تأنيب، أو من اشتياقٍ لشخصٍ قد لا يعود. خائف أنا من رحيل أمي… وأنا الذي دونها سأشتاق حتى إلى البارحة. استفقت كطفلٍ صغير، يتشبث بالأمس، يرفض أن يكبر، يخاف أن يستفيق في الغد ويقول: “رحلت أمي… وراح معها كل شيء.” أخاف من لحظةٍ يرحل فيها الجميع. أخاف من اليوم، ومن الغد، ومن البارحة… ومن أن يتحوّل كل شيء إلى ذكرى مؤلمة، جارحة، باردة. وغدًا؟ ربما سأقول: “ما أروع البارحة…” وسأشتاق إليها، حتى وإن لم تكن جميلة، لأنها كانت. أعيش ككبيرٍ يخاف، كصغيرٍ يحلم، أتشبث باليوم كمن يحمل باقة من الذكريات، أمتشق الحنين، أمتطيه بكلماتٍ باهتة، لكنها دافئة… اليوم، أكتب كما كنت أكتب صغيرًا… أحلم كما الصغار، أحب كما الكبار، أعيش اللحظة كأنها قصة حب لا تسقط أوراقها، قصة لا تعرف أمسًا، ولا غدًا، ولا حتى “البارحة”. أحلم بأن يدفئني ما تبقى من حنين، بأن أتنفس من بقايا حلمٍ قديم… بأن أقول غدًا: “أشتاق إلى البارحة…” استفقت اليوم، وما أطيب اليوم حين يمر… لأنني أعرف أنني سأشتاق إليه، حين يصبح هو الآخر… البارحة.اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.