‫الرئيسية‬ الأولى اعتراف الملك… الصحراء ليست مغربية
الأولى - الافتتاحية - ‫‫‫‏‫يوم واحد مضت‬

اعتراف الملك… الصحراء ليست مغربية

اعتراف الملك… الصحراء ليست مغربية
لم يكن خطاب ملك المروك الذي وجّهه إلى الرئيس الجزائري دعوة “للأخوة” ولا مبادرة “حسن نية”، بل كان نتيجة مباشرة لارتباك سياسي مكشوف بعد قرار مجلس الأمن الذي مدّد عهدة المينورسو لعام إضافي، وأعاد تثبيت الصحراء الغربية كقضية تصفية استعمار، يخضع حلّها حصراً لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، لا لرغبات القصر الملكي ولا لضغوط الحلفاء.

فالدول الواثقة من “سيادتها” لا تبحث عن وسطاء، ولا تدعو إلى “حوار” مع أطراف لا علاقة لها—وفق الشرعية الدولية—بملف يفترض أنه “داخلي”. لذلك فإن السؤال المشروع اليوم هو:إذا كان المروك يعتبر الصحراء أرضاً مغربية خالصة، فلماذا يطلب التفاوض مع الجزائر؟ الجواب واضح تماماً: لأن الرباط تدرك، أكثر من غيرها، أن ملف الصحراء ليس مغربياً، وأن أي حل خارج إرادة الشعب الصحراوي باطلٌ دولياً وسياسياً.

إن دعوة الملك المغربي للحوار ليست مبادرة سلام، بل محاولة التفاف على قرار أممي أعاد الأمور إلى مسارها الصحيح، وأغلق الباب أمام رهانات الرباط على فرض “حل أحادي” بأي غطاء دبلوماسي كان. وتدرك مملكة المروك أن الشرعية الدولية لا تعترف بها طرفاً في مواجهة الجزائر، بل طرفاً في مواجهة جبهة البوليساريو، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي.

ولأن الرباط لم تستطع انتزاع انتصار دبلوماسي داخل مجلس الأمن، رغم كل الجهود والاتصالات والتحالفات، لجأت إلى خطاب “اليد الممدودة” الذي لا يخفي حقيقة سياسية أكبر: المروك وجد نفسه أمام حائط الأمم المتحدة، فعاد ليبحث عن مخرج من الجزائر.

غير أن الجزائر ليست ولن تكون طرفاً في النزاع، وهي متمسّكة بموقف ثابت لا يتزحزح، الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار، طرفها صاحب الأرض، ومن حق الشعب الصحراوي وحده أن يقرر مصيره، كما قرر الشعب الجزائري مصيره عام 1962، وكما قررت عشرات الشعوب مستقبلها تحت رعاية الأمم المتحدة.

إن خطاب الرباط الأخير لا يكشف رغبة في الحوار بقدر ما يكشف مأزقاً عميقاً. والدعوة التي جاءت بعد أقل من يوم واحد من قرار أممي قاطع ليست سوى محاولة لتغيير زاوية المواجهة، وتصدير أزمة داخلية نحو الخارج، وصناعة “عدو” افتراضي لتبرير الفشل أمام الرأي العام المغربي.

والجزائر، بمنطق الدولة، ليست معنية بخطابات تلفزيونية ولا بتهدئة صورية، بل معنية فقط بشيء واحد، احترام القانون الدولي الذي يضمن للشعب الصحراوي حقه غير القابل للتقادم في الاستقلال وتقرير المصير.

إن محاولة الضغط على الجزائر لإعادة صياغة مسار النزاع خارج إطار الأمم المتحدة لن تنجح، تماماً كما لم تنجح محاولات تسييس القضية، أو مغالطة الرأي العام، أو تقديم الحكم الذاتي كحل مفروض بالقوة. فالعالم كله يدرك أن آخر مستعمرة في إفريقيا لن تُطوى صفحتها إلا عندما يقرر الصحراويون مستقبلهم، لا عندما يقرأ ملك المروك خطاباً مسجّلاً على شاشات التلفزيون.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

رئيس الجمهورية يترحّم على أرواح الشهداء بمقام الشهيد في الذكرى الواحدة والسبعين لاندلاع الثورة

ترحّم رئيس الجمهورية، السيّد عبد المجيد تبون، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع ال…