‫الرئيسية‬ الأولى الجزائر تعزّز موقعها بين أقوى الجيوش عالميًا
الأولى - الوطني - ‫‫‫‏‫أسبوع واحد مضت‬

الجزائر تعزّز موقعها بين أقوى الجيوش عالميًا

الجزائر تعزّز موقعها بين أقوى الجيوش عالميًا
يضع تقرير القوة العسكرية العالمية لسنة 2025 الجزائر في مرتبة متقدمة عالميًا، إذ حلّ الجيش الوطني الشعبي في المرتبة الخامسة والعشرين من بين 145 دولة، بمؤشر قوة بلغ 0.3589، وهو تصنيف يعكس بوضوح التحول العميق الذي شهدته المؤسسة العسكرية خلال السنوات الأخيرة، سواء من حيث التحديث، أو رفع الجاهزية، أو تنويع القدرات العملياتية، أو تعزيز منظومات الردع. ويبدو هذا التقدّم نتيجة طبيعية لمسار إصلاحي شامل قاده رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون منذ بداية عهدته، مستندًا إلى رؤية واضحة لتقوية مؤسسات الدولة وترسيخ سيادتها، فيما تولّى الفريق أول السعيد شنقريحة، بصفته قائدًا ميدانيًا متمرّسًا، تنفيذ هذه الرؤية على أرض الواقع عبر إعادة بناء الجاهزية والعمل على صلابة المؤسسة العسكرية تنظيميًا وعملياتيًا.

ويشير التقرير إلى أن القوة البشرية في الجزائر تُعدّ أحد أعمدة هذا التقدّم، إذ تأتي البلاد في مراتب متقدمة عالميًا من حيث عدد المواطنين القادرين على الخدمة، وعدد القوات العاملة، والقوة شبه العسكرية التي تحتل المرتبة الثانية عشرة عالميًا. هذا الحجم البشري الكبير، المتكامل مع شبكة تكوين متطورة تضم المدارس العليا العسكرية، يمكّن الجيش الوطني الشعبي من الحفاظ على جاهزية عالية وقدرة تعبئة كبيرة في أوقات السلم والطوارئ، وهو ما ينسجم مع المقاربة الجديدة التي أرساها رئيس الجمهورية بهدف تعزيز الأمن القومي عبر مقاربة دفاعية شاملة.

وتُعتبر القوة الجوية أحد أبرز عناصر التفوق الجزائري، حيث تحتل المرتبة السابعة عشرة عالميًا. ويعرض التقرير تفاصيل دقيقة حول امتلاك الجزائر لأسطول هام من الطائرات المقاتلة، وطائرات الهجوم الأرضي المصنفة في المرتبة الرابعة عشرة عالميًا، وطائرات النقل العسكري التي تحتل المرتبة الثانية عشرة عالميًا، إضافة إلى مروحيات هجومية مصنفة ضمن الأقوى في العالم في المرتبة التاسعة. هذه القدرة الجوية لم تكن ممكنة لولا سياسة التحديث المستمرة التي اعتمدتها الدولة، القائمة على اقتناء أحدث الأنظمة القتالية والرادارية، وتمكين الإطارات من تكوين عالي المستوى داخل الجزائر وخارجها، مع إدماج التكنولوجيا الحديثة في منظومات القيادة والسيطرة.

أما القوات البرية، فتؤكد الأرقام الواردة في التقرير أنّ الجزائر تمتلك واحدة من أكبر الترسانات البرية في إفريقيا والشرق الأوسط، حيث تأتي الدبابات الجزائرية في المرتبة الحادية عشرة عالميًا، إلى جانب آلاف العربات المدرعة وأنظمة المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ التي تحتل مراتب متقدمة بين أقوى الجيوش. هذه القوة الكبيرة تعكس عملًا طويل الأمد قاده الفريق أول السعيد شنقريحة، الذي وضع أولوية قصوى للجاهزية البرية والمناورات المستمرة، وحرص على إعادة الانضباط الكامل لهذه التشكيلات، وإدخال أنظمة تسليح جديدة تمنح الجيش قدرة تحرك ومرونة عملياتية تضعه ضمن الجيوش الكبرى في هذا المجال.

ويُظهر التقرير كذلك التفوّق البحري الذي حققته الجزائر خلال العقد الأخير. فبأسطول يضم ست غواصات حديثة، وثماني فرقاطات، وثماني كورفيتات، وأكثر من 75 سفينة دورية، أصبحت الجزائر قوة بحرية وازنة في غرب المتوسط. هذا التفوق مكّن البلاد من تعزيز سيادتها على مياهها الإقليمية ومراقبة خطوط التجارة البحرية، إضافة إلى حماية منشآتها الاستراتيجية. ويعد هذا الإنجاز امتدادًا مباشرًا للتوجيهات السياسية التي وضعها رئيس الجمهورية بهدف تحويل الجزائر إلى قوة بحرية قادرة على بسط الاستقرار في محيطها الإقليمي.

ولا يغفل التقرير الجانب الاقتصادي الذي يشكل إحدى ركائز القوة الدفاعية الجزائرية؛ إذ تنتج الجزائر أكثر من مليون وأربعمئة ألف برميل نفط يوميًا، بينما لا يتجاوز الاستهلاك الداخلي 428 ألف برميل، ما يمنح البلاد فائضًا كبيرًا يعزز استقلالية القرار العسكري وقدرة الدولة على تمويل خطط التحديث دون اللجوء إلى أي تبعية خارجية. كما تملك الجزائر احتياطيات ضخمة من النفط والغاز تؤهلها للحفاظ على هذا الزخم لعقود قادمة، وهو عامل لا يقل أهمية عن القوة العسكرية المباشرة.

ومن زاوية لوجستية، يعرض التقرير قدرة الجزائر على إدارة أسطول تجاري يتكون من 119 سفينة، إضافة إلى 17 ميناء تجاريًا نشطًا، وهو ما يمنح البلاد قدرة على تلبية احتياجاتها الاستراتيجية ويدعم عملياتها الدفاعية في حالة الأزمات الدولية. كما تمتلك الجزائر مساحة جغرافية شاسعة تشكل عنصرًا دفاعيًا طبيعيًا، وتفرض على الجيش قدرات مراقبة وتحرك واسعة تم تطويرها بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.

ويتضح من خلال التحليل الشامل للتقرير أن هذا التقدّم العسكري لم يكن نتيجة ظرفية، بل ثمرة رؤية سياسية عليا تبناها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي جعل من بناء مؤسسة عسكرية قوية أحد أعمدة مشروع الدولة الوطنية الحديثة. وقد تكاملت هذه الرؤية مع القيادة الصارمة والفعّالة للفريق أول السعيد شنقريحة، الذي أعاد للجيش صلابته الداخلية، وفعاليته العملياتية، ورفع جاهزيته إلى مستويات غير مسبوقة، بفضل خبرته الطويلة وإلمامه العميق بواقع المؤسسة العسكرية واحتياجاتها.

إن صعود الجزائر إلى مصاف أقوى 25 جيشًا في العالم هو إنجاز وطني يعكس تضافر جهود الدولة بمختلف مؤسساتها، ورؤية استراتيجية واضحة المعالم، واستثمارًا حكيمًا للموارد، واحترافية رجال الجيش الوطني الشعبي الذين أثبتوا مرة أخرى أنّ قوة الجزائر نابعة من قوة جيشها وإرادة أبنائها. هذا الإنجاز لا يكرّس فقط موقع الجزائر كقوة إقليمية، بل يضعها على مسار واضح نحو مزيد من التأثير الدولي والاستقلالية الاستراتيجية.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر تحذّر في مجلس الأمن.. تجفيف التمويل هو مفتاح هزيمة الإرهاب

قدّمت الجزائر عبر ممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع، رؤية دقيقة ومفصلة …