الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات التي أدلى بها ممثل الحركة المفاوض في شرم الشيخ، السيد خليل الحية، والذي امتنع عن ذكر الجزائر ضمن الدول التي شكرها بعد إعلان وقف إطلاق النار، قائلاً إن ما جرى تداوله في الجزائر “مبني على اقتطاع التصريح من سياقه”.
لكن، وبحسب المتابعين في الجزائر، فإن المقطع المتداول بُثّ كاملاً بالصوت والصورة، دون أي اقتطاع، حيث ظهر فيه الحية وهو يوجّه الشكر للدول التي ساهمت في التوصل إلى وقف القتال، كما شكر دولاً أخرى لم تكن طرفًا في المفاوضات، وهو ما أثار استياء الجزائريين الذين لاحظوا تغييب اسم الجزائر رغم مكانتها الثابتة في دعم القضية الفلسطينية.
وقال ممثل “حماس” في الجزائر إن “الجزائر ليست بحاجة إلى شكر ظرفي”، وهو تصريح أثار بدوره تساؤلات وانتقادات واسعة، إذ بدا وكأنه ينصّب نفسه متحدثًا باسم الجزائر ليحدد عنها نوع الشكر الذي تحتاجه أو لا تحتاجه، وليفرّق بين الشكر الظرفي والمستدام.
وأضاف ممثل الحركة، يوسف حمدان، أن خليل الحية شكر الدول التي شاركت في الوساطة المباشرة، وأن الجزائر لم تكن ضمن هذا المسار. ويُدرك الجزائريون ذلك تمامًا، فهم يعلمون أن بلادهم لم تشارك في مفاوضات شرم الشيخ، غير أن ما أثار الجدل هو أن الحية وجّه الشكر كذلك لدول أخرى لم تكن حاضرة في المفاوضات، على غرار إيران واليمن، في حين لم يُذكر اسم الجزائر التي لم تتوقف يومًا عن دعم فلسطين سياسيًا وإنسانيًا وإعلاميًا.
وقال حمدان إن علاقة الجزائر بالقضية الفلسطينية “أعمق من مسألة شكر عابر”، غير أن هذا الطرح لم يُقنع كثيرًا من الجزائريين، الذين رأوا في ذلك محاولة للالتفاف على جوهر المشكلة. فالشعب الجزائري، كما يعبّر كثير من مواطنيه، لا يحتاج إلى من يذكّره بمواقفه الثابتة تجاه فلسطين، بل يريد أن يرى اعترافًا بسيطًا بتلك المواقف من الطرف المستفيد منها.
في الجزائر، لا أحد يُنكر أن مواقف البلاد تجاه القضية الفلسطينية مبدئية وثابتة، وأنها لا تنتظر جزاءً ولا شكورًا، غير أن تجاهلها في مناسبةٍ يُقدَّم فيها الشكر لدول أخرى اعتُبر موقفًا سياسيًا غير مبرر، خاصة وأن الجزائر ظلت تدافع عن فلسطين في المحافل الدولية، وتتحمل في سبيل ذلك ضغوطًا من قوى كبرى، أحيانًا على حساب مصالحها الوطنية.
الجزائر، كما قال ممثل “حماس”، لا تنتظر الشكر، وهذا صحيح، لكن عندما يُقدَّم الشكر العلني إلى كل الدول تقريبًا، وتُستثنى الجزائر، فإن ذلك يُفهم على أنه إقصاء غير مبرر، ويمسّ بمشاعر الجزائريين الذين يعتبرون أنفسهم في الصف الأول من الداعمين لفلسطين.
أما المسؤولون الجزائريون، فغالبًا ما يتعاملون مع مثل هذه المواقف بصمتٍ وتواضع، ولا يطالبون بالثناء، وهو ما يُحسب لهم. غير أن الشعب الجزائري يرى أن تجاوز اسم الجزائر في تصريحاتٍ رسمية أو علنية أمر لا يمكن تبريره أو التغاضي عنه، خصوصًا حين يصدر من جهةٍ لطالما وجدت في الجزائر السند والموقف الصادق.
إن الشعب الجزائري، المعروف بغيرته الوطنية ووفائه لحلفائه التاريخيين، لا يحب ناكري الجميل، ولا يقبل أن تُتجاهل تضحيات بلده أو يُختزل موقفه الثابت في تبريرات لغوية أو سياسية. فالجزائر لم تساند فلسطين بحثًا عن الشكر، لكنها أيضًا لا تقبل أن تُتجاهل كأنها لم تكن.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تنتظر الشكر… لكنها تحتقر الغدر!
طبيعي جدًا أن ينزعج أي جزائري عندما لا يُذكر اسم بلده من طرف الإخوة الفلسطينيين، بالنظر إل…