“الديب فايك”… سلاح المخزن الجديد ضد الجزائر!
تتخذ الحرب الإعلامية التي تشنها الآلة الدعائية المخزنية ضد الجزائر والصحراء الغربية طابعًا أكثر خطورة مع دخولها عصر الذكاء الاصطناعي، إذ انتقلت من أساليب التضليل التقليدية إلى توظيف ما يعرف بتقنيات “الديب فايك” أو “التزييف العميق”، وهي أدوات رقمية قادرة على إنتاج صور وفيديوهات وأصوات شديدة الإقناع لكنها مفبركة بالكامل. الهدف من هذا التحول ليس مجرد شن حرب نفسية، بل صناعة واقع بديل يخدم الرواية المروكية حول الصحراء الغربية ويهاجم الجزائر، عبر قلب الحقائق وتزوير الوقائع أمام أعين الجمهور.
ومنذ أشهر، ترصد الجهات المختصة في الإعلام الرقمي انتشارًا متزايدًا لمقاطع وصور مزيفة تحمل توقيع الحسابات الموالية للمخزن، المعروفة باسم “الذباب الإلكتروني”، والتي تعمل بتنظيم وتناسق لخلق موجة رأي عام اصطناعية على شبكات التواصل الاجتماعي. وتستخدم هذه الحسابات أدوات تضخيم آلية تعيد نشر المواد نفسها في توقيت واحد ولغة متشابهة، لإيهام المتابعين بوجود إجماع شعبي أو دعم دولي لموقف المغرب في قضية الصحراء. غير أن الجديد هذه المرة هو توظيف الذكاء الاصطناعي في إنتاج مقاطع فيديو واقعية المظهر لكنها زائفة المحتوى، تُظهر شخصيات سياسية أو أكاديمية أو إعلامية وهي تدلي بتصريحات لم تصدر عنها إطلاقًا.
لكنّ هذا النوع من الحملات ليس جديدًا، إذ سبق لشركة “ميتا” المالكة لفيسبوك وإنستغرام أن أعلنت سنة 2021 عن تفكيك شبكة واسعة من الحسابات المزيفة مصدرها المغرب، كانت تروّج لمحتوى سياسي مضلل ضد الجزائر وعدد من الدول الإفريقية. إلا أن التطور التقني الهائل في أدوات الذكاء الاصطناعي خلال العامين الأخيرين سمح بانتقال هذه الدعاية إلى مستوى أخطر، حيث يمكن إنتاج مقطع مزيف لشخصية معروفة خلال ساعات قليلة، باستخدام صور علنية متاحة على الإنترنت.
ويرى محللون أن هذا التصعيد الإعلامي يعكس حالة ارتباك سياسي داخل النظام المخزني، الذي يحاول تعويض فشله في كسب الشرعية الدولية بشأن الصحراء الغربية بحملات دعائية مصطنعة. فبعد أن فشلت أدوات الضغط التقليدية، باتت الدعاية الرقمية وسيلته الأخيرة لترويج رواية أحادية، من خلال اللعب على مشاعر الجمهور وخلط الحقائق بالمفبرك. إلا أن هذا الأسلوب لم ينجح في إخفاء الحقائق الميدانية ولا في تغيير الموقف الثابت للجزائر، التي تؤكد في كل المحافل الدولية أن قضية الصحراء الغربية هي قضية تصفية استعمار، وليست نزاعًا حدوديًا كما يروج المخزن.
إن ما تقوم به الآلة الدعائية المخزنية عبر “الديب فايك” ليس سوى انعكاس لأزمة سياسية ودبلوماسية داخلية تحاول تغطيتها بتقنيات رقمية. فالذكاء الاصطناعي الذي يُستخدم اليوم لتزييف الحقائق سيصبح غدًا الوسيلة التي تكشف زيفها، لأن الحقيقة قد تتأخر لكنها لا تختفي. والجزائر التي صمدت أمام الحروب العسكرية والإعلامية التقليدية، قادرة أيضًا على إفشال هذه الحرب الرقمية الجديدة، بسلاح الوعي الشعبي والإعلام المهني المسؤول.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
سيفي غريب.. من الميدان تُكتب النهضة
بدأت ملامح مرحلة جديدة تتشكل في المشهد الوطني، منذ أن تقلّد الوزير الأول سيفي غريب مهامه ع…