‫الرئيسية‬ الأولى ترامب يفتح الأجواء لإسرائيل… والدوحة تدفع ثمن الوهم الأمريكي
الأولى - الدولي - مقالات - 10 سبتمبر، 2025

ترامب يفتح الأجواء لإسرائيل… والدوحة تدفع ثمن الوهم الأمريكي

ترامب يفتح الأجواء لإسرائيل… والدوحة تدفع ثمن الوهم الأمريكي
تعرضت قطر لقصف إسرائيلي استهدف مكان اجتماع وفد حركة حماس في الدوحة. القصف وقع في بلد يستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، قاعدة العديد، التي يُفترض أن وجودها مخصص لحماية قطر ودول الخليج من أي عدوان خارجي. لكن هذا الهجوم أسقط نهائياً أطروحة “الحماية الأمريكية” المزعومة، وأكد أن الدور قد يأتي على دول خليجية أو عربية أخرى لأسباب مختلفة، وأن يد إسرائيل أُطلقت لتعبث بأمن المنطقة كما تشاء.

من المؤكد أن إسرائيل لم تكن لتجرؤ على ضرب قطر من دون موافقة وضوء أخضر من الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، ما يجعل القصف رسالة تحذيرية إلى جميع دول الخليج، سواء كانت في طريق التطبيع أو ما زالت بعيدة عنه. ويزداد الأمر خطورة إذا ما ربطنا هذا الاعتداء بإعلان نتنياهو عن “حدود إسرائيل الكبرى”، التي تشمل أجزاء من أراضي السعودية ومصر والأردن.

ومن الناحية اللوجستية، لا تستطيع الطائرات الحربية الإسرائيلية تنفيذ غارات على قطر من دون المرور عبر أجواء بعض الدول العربية. الأردن سارع إلى نفي استخدام مجاله الجوي، لكن الشبهات ما زالت تحوم حول العراق أو السعودية. والأدهى أن قصف الدوحة جاء في اليوم نفسه الذي قُدِّم فيه سفير إسرائيل أوراق اعتماده في المنامة، عاصمة البحرين، الدولة الخليجية المجاورة لقطر، في مشهد لا يخلو من الدلالات.

في زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن إلى الدوحة، أبدى وزير الخارجية القطري استعداد بلاده لطرد قيادات حماس من أراضيها إن طلبت واشنطن ذلك، حفاظاً على العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة. إلا أن بلينكن لم يعلّق على هذا العرض، ما أثار استغراب المراقبين، خصوصاً مع بروز موقف قطري بدا متماهياً إلى حد بعيد مع المصالح الأمريكية.

يُضاف إلى ذلك أن قطر حاولت كسب ود الإدارة الأمريكية السابقة عبر هدايا ثمينة، بينها طائرة فاخرة وُضعت تحت تصرّف الرئيس ترامب خلال جولاته، بعد أن كان قد اشتكى مراراً من قدم طائرته الرسمية. لكن هذه الخطوات لم تُجدِ نفعاً، إذ منح ترامب الضوء الأخضر لإسرائيل كي تنتهك سيادة قطر، على غرار ما سمح بانتهاك سيادة دول عربية أخرى وفّرت ممراً جوياً للمقاتلات الإسرائيلية وصولاً إلى الدوحة.

الموقف الأمريكي تجاه قطر يُذكّر بما فعلته السفيرة الأمريكية في بغداد حين أعطت إشارات ملتبسة لصدام حسين قبيل غزوه الكويت، لتستخدم واشنطن السيناريو ذاته لاحقاً مع بلدان عربية أخرى، وتحاول توظيفه مع روسيا والصين، غير أن موسكو وبكين أظهرتا وعياً أكبر، ورفضتا الانخداع بتلك المناورات.

إسرائيل لا تخشى إلا من الدول القادرة عسكرياً على إلحاق الضرر بها. هي تدرك جيداً أنها ستدفع ثمناً باهظاً إن هاجمت إيران أو باكستان، أو أي دولة تمتلك قوة ردع حقيقية. منطق القوة هو الرادع الوحيد لإسرائيل التي أعلنت صراحة، عبر نتنياهو، أطماعها التوسعية وسط صمت مخزٍ من دول فقدت أجزاء واسعة من أراضيها، بل ورضيت بإهانة سيادتها، كما حدث مع قصف الدوحة.

إن إسرائيل لا تسعى إلى سلام حقيقي، بل إلى perpetuation of الحرب كما خُطط لها مسبقاً. أما القواعد الأمريكية في الخليج فليست سوى وهم كبير؛ فهي لم ولن تحمِ هذه الدول من الخطر الحقيقي الوحيد الذي تخشاه المنطقة: العدوان الإسرائيلي.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…