‫الرئيسية‬ في الواجهة الحدث الدولي حرب أوكرانيا وحافة الهاوية
الدولي - 1 سبتمبر، 2024

حرب أوكرانيا وحافة الهاوية

حرب أوكرانيا وحافة الهاوية
مع الفشل الذريع لكل المخططات التي وضعتها الإدارة الأمريكية لتدمير روسيا اقتصاديًا وعزلها سياسيًا عن العالم، ثم تدمير وحدتها باستعمال أوكرانيا والغرب كوسيط، اقتربت إذن ساعة الحسم للصراع الأوكراني.

فإما أن تندلع حرب عالمية ثالثة شاملة، وهي الحرب التي تخشاها أمريكا اليوم على عكس ما يقال وما يروج له من شجاعة أمريكية زائفة، لأن الروس وعدوا بإطلاق صواريخ نووية على أراضيها، والروس لا يمزحون. وكما قال بوتين، لن تنجو أمريكا من تلك الحرب التي تعمل على اندلاعها كما نجت في الحرب العالمية الثانية، حيث قتلت ودمّرت، لكنها سلمت أراضيها من كل أذى وسيطرت على الدول الغربية بثمن بخس مقارنة بما دفعه الروس والأوروبيون: 55 مليون قتيل ودمار شامل لمدنهم وقراهم. هذه المرة، المعادلة حسب الرئيس بوتين ستكون مختلفة تمامًا، والدفع سيكون “كاش” للجميع، وأولهم أمريكا. “لا حاجة لوجود عالم بدون روسيا” جملة سحرية يرددها بوتين، ومعانيها ثقيلة جدًا. وهو رجل هادئ مثل أغلب رجال المخابرات، عقولهم تزن القناطير، فلا داعي للقلق أو النرفزة عندهم.

أوكرانيا على حافة الهاوية، وأصبحت الآن تقتل المدنيين وتقصفهم، وتهاجم المحطات النووية في محاولة لاستفزاز الروس أو إحداث كارثة تجبر الغرب على الدخول مباشرة في الحرب ضد روسيا. ودخول الجيش الأوكراني منطقة كورسك جزء من الاستفزاز الذي تبحث عنه بريطانيا، بولندا، وأمريكا. ويبدو أنها زودت أوكرانيا بأنظمة تشويش متطورة جدًا استُعملت في تحييد الطائرات الروسية المسيرة وقطعت اتصالات الجيش الروسي. لكن روسيا فاجأتهم بإخراج مسيرات جديدة لا تتأثر بأي تشويش مهما كان، ودمرت وقتلت الآلاف من الجنود الأوكرانيين والمرتزقة الأجانب الذين دخلوا أراضيها. أما البقية فهم محاصرون الآن، مما أفشل كل المخططات الأمريكية والبريطانية والبولندية للاعتداء على أراضيها.

الهدوء الروسي يزعج الغرب إلى درجة لا تُتصور، رغم كل الاستفزازات التي يقومون بها لدفع بوتين لارتكاب حماقة أو رد غير محسوب يُستعمل ضده سياسيًا وعسكريًا. لكن هذا الهدوء الروسي إلى هذه الدرجة أمر محير للغربيين. عسكريًا، تفقد أوكرانيا كل يوم قدرتها على وقف زحف الجيش الروسي، وأصبحت شيئًا فشيئًا غير قادرة على توفير العدد المطلوب من الجنود للذهاب إلى الجبهة، مما أدى إلى تقلص عدد سكانها بشكل رهيب. وزيلينسكي في حيرة من أمره، والإمدادات التي تأتي من الغرب تُدمر في مخازنها قبل أن تصل إلى جبهة القتال. ولم يبقَ أمام أمريكا إلا تصعيد ترامب لإنهاء المهزلة الأوكرانية والمأساة التي يعيشها الشعب الأوكراني، الذي ضحت به أمريكا من أجل مصالحها.

حرب أوكرانيا أخضعت بها أمريكا البلدان الأوروبية وقطعتها عن منطقة أوراسيا، القطب الاقتصادي العالمي الجديد، لتبقيها تحت قدميها وتستعملها لمصالحها كما تشاء. فدمرت اقتصاديات الغرب وخاصة ألمانيا بعزلها عن مصدر طاقة رخيص وجذاب ساهم في ازدهارها الصناعي لسنوات، وها هي اليوم تعاني وتقف على حافة الإفلاس.

أمريكا، وكما قال هنري كيسنجر، ليس لها عدو ولا صديق، بل فقط المصلحة. وها هي تطبق ما قاله صانع سياستها الخارجية على أقرب حلفائها. فهي لا تبالي بمشاكلهم، بل تستعملهم عند الحاجة، ولو كلفهم ذلك حرب إبادة جماعية كما قد تحدث إذا انطلقت شرارة الحرب العالمية الثالثة على أراضيهم.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…