سيسقط بارديلا كما سقط ساركوزي ؟
شهدت فرنسا في عام 2012، واحدة من أكثر الانتخابات الرئاسية حدة وتنافسية في تاريخها الحديث. تنافس الرئيس السابق آنذاك، نيكولا ساركوزي، ضد المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند. لعبت العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية دورًا كبيرًا في نتيجة الانتخابات، وكان لبعض التصريحات والقرارات المثيرة للجدل تأثير حاسم، وأهمها مواقف ساركوزي المناهضة للجالية الجزائرية.
نيكولا ساركوزي، الذي تولى الرئاسة في عام 2007، كان معروفًا بسياساته الصارمة والمتشددة تجاه الهجرة والأمن. خلال فترة رئاسته، اتخذ عدة قرارات وإجراءات وسياسات مثيرة للجدل، منها التشديد في قوانين الهجرة، وفرض الرقابة على الحدود، وتطبيق سياسات صارمة ضد المخالفين. جاءت تصريحاته الحادة حول الجالية الجزائرية في فرنسا كالصاعقة واعتبرت بمثابة الهجوم العنصري غير المبرر.
في الانتخابات الرئاسية لعام 2012، أظهرت الأرقام تراجعًا ملحوظًا في شعبية ساركوزي بين الناخبين من أصول شمال إفريقيا، ومنهم الجزائريون. تمكن فرانسوا هولاند من كسب تأييد العديد من هؤلاء الناخبين، مستفيدًا من استيائهم من سياسات ساركوزي وتصريحاته. جاءت نتائج الجولة الثانية من الانتخابات لصالح فرانسوا هولاند بنسبة 51.6% من الأصوات، فيما حصل ساركوزي على 48.4% من الأصوات. تشير الأرقام إلى أن الفارق بين هولاند وساركوزي كان ضئيلًا نسبيًا، مما يعني أن كل صوت كان له تأثير كبير في تحديد الفائز. الدعم القوي الذي حصل عليه هولاند من الناخبين ذوي الأصول الجزائرية، الذين شعروا بالإقصاء والاستهداف من قبل ساركوزي، كان عاملاً حاسمًا في تولي فرانسوا هولاند منصب الرئيس. بالإضافة إلى ذلك، كان هولاند قادرًا على استغلال شعور الاستياء العام من السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي نادى بها ساركوزي، مقدمًا وعودًا بإصلاحات وتحسينات من شأنها أن تخدم جميع شرائح المجتمع الفرنسي.
التاريخ يعيد نفسه
اليوم، بعد النتائج المذهلة التي حققها اليمين المتطرف في الانتخابات البرلمانية الأوروبية الأخيرة، نلاحظ أن جوردان بارديلا وحزب التجمع الوطني العنصري يستفزون الجالية التي أسقطت ساركوزي قبلهم. منذ ظهور النتائج، يظهر اليمين المتطرف عداءً غير مسبوق وغير مبرر ضد الجزائريين المقيمين في فرنسا. هذه المواقف العدائية، التي تذكرنا بتصريحات ساركوزي في عام 2012، تثير استياء الجالية الجزائرية وغيرها من المجتمعات المهاجرة في فرنسا. استفزاز الجالية الجزائرية لن يمر بسلام لجوردان بارديلا واليمين المتطرف، وكما قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في إحدى لقاءاته مع الصحافة: “لحم الجزائري مر”، هذا التصريح يعكس عزة وكرامة الشعب الجزائري، ويشير إلى أن الجالية الجزائرية لن تتهاون في الرد على أي تهميش أو عداء. هذا الاستفزاز يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على اليمين المتطرف، حيث ستتوجه الجالية الجزائرية لدعم خصومهم في الانتخابات المقبلة، مما سيضعف موقف بارديلا وحزبه بشكل كبير.
المستقبل المتوقع
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
القضاء يطوي صفحة ساركوزي.. أول رئيس فرنسي يدخل السجن يوم 21 أكتوبر
يدخل نيكولا ساركوزي التاريخ من أوسع أبوابه، لا كرجل دولة استثنائي كما أراد لنفسه ذات يوم، …