‫الرئيسية‬ الأولى عندما يُكرَّم من حرّض الحلف الأطلسي على قصف الجزائر!!!
الأولى - مقالات - ‫‫‫‏‫3 أيام مضت‬

عندما يُكرَّم من حرّض الحلف الأطلسي على قصف الجزائر!!!

عندما يُكرَّم من حرّض الحلف الأطلسي على قصف الجزائر!!!
كنت أتمنى، بكل صدق، لو أنني كنت غائبًا عن هذه الحياة، حتى لا أرى تلك المشاهد التي تُستقبل فيها وتُكرَّم وتُفتح الخزائن لمن كان منذ سنوات قليلة فقط يصرخ بأعلى ما يملك من صوت في وجه الأمين العام للحلف الأطلسي، متسائلًا ومحرّضًا: “الجزائر تدعم القذافي بالسلاح، فلماذا لا تُقصف هي أيضًا؟” هذا الكلام ليس مبالغة ولا ادعاءً، بل هو مسجل في أرشيف الناتو خلال أحداث ليبيا، ويمكن لأي باحث أن يجده، لأن التاريخ لا يرحم ولا ينسى.

يومها، كان هذا الخطاب يستفزني إلى حدّ لا يوصف. وكنت حينها أكتب في جريدة “الفجر” التي ترأستها السيدة المحترمة حدة حزام. ودفعتني خطورة الاتهامات إلى مراسلة المتحدث الرسمي باسم الحلف الأطلسي، لأسأله بشكل مباشر عن خلفية ذلك التحريض الذي كان يأتي من بعض الأطراف الليبية ومن يصفون أنفسهم بـ“المعارضة”، بينما هم في الواقع كانوا يسعون إلى جرّ الجزائر إلى نار الحرب بأي شكل.

وجاء الرد الرسمي واضحًا لا لبس فيه، ونشرته الجريدة آنذاك على صفحتها الأولى: “الجزائر لا علاقة لها بدعم نظام القذافي، وتواجد قواتها على الحدود كان لحماية حدودها فقط، وهذا مفهوم ومشروع ونتفهمه تمامًا.” انتهى الأمر عند هذا الحدّ بالنسبة للحلف، لكنه لم ينته بالنسبة لأولئك الذين كانوا يصرخون ويشيرون إلى الجزائر كعدو، ثم يظهرون اليوم في صور التكريم والاستقبال وكأن شيئًا لم يكن.

ولم يكن هذا الملف الوحيد الذي جعلني أدافع عن الجزائر. فقد كنت أيضًا من الأصوات القليلة التي نادت بضرورة بقاء الجزائر في الحوار المتوسطي مع الناتو، بعد أن وصلتنا أخبار مؤكدة مفادها أن غياب الجزائر عن الاجتماعات كان يُستغل بشراسة من طرف الثنائي، الكيان الصهيوني والمخزن المروكي، اللذين جعلا من كل جلسة مناسبة لتشويه الجزائر وتقديم صورة مغلوطة عنها أمام قيادة الحلف.

وبمجرد أن عادت الجزائر إلى مقعدها، حدث ما كان منتظرًا، مناوشات علنية بين ممثل الجزائر وممثل الكيان الصهيوني في أول اجتماع، بعدما تجرأ ممثل الاحتلال على استهداف الجزائر، فكان الرد الجزائري قويًا وصريحًا، مما أعاد التوازن داخل تلك الاجتماعات التي فقدت حيادها بغياب الجزائر.

غير أن المشكلة اليوم ليست في الماضي، بل في هذا الحاضر الذي يبدو وكأنه بلا ذاكرة. ففي كل مرة يأتي مسؤول جديد، يبدأ من الصفر… بل من ما قبل الصفر، وكأن ما تحقق قبله كان خطأ يجب محوه، أو صفحة لا تستحق أن تُقرأ. هذا المنطق العدمي يجعل البلد يدور في حلقة مفرغة، ويهيئ المسرح لمواقف غير مفهومة ولا مقبولة.

وإن استمر هذا النهج، فلن يكون غريبًا أن نستيقظ يومًا على خبر تعيين شخصيات كانت تطالب الناتو بقصف الجزائر في مناصب رسمية أو تكريمية، أو أن نجد من كان يهاجم الجزائر ليلًا ونهارًا شريكًا في منصب حساس. وعندها، قد نرى القادم أسوأ: “البريزيدان” فرحات مهني رئيسًا للوزراء … أو “ثعبان لندن” وزيرًا للخارجية…! كل شيء يصبح ممكنًا حين يغيب العقل وتُمحى الذاكرة.

العالم له ذاكرة. العالم لا ينسى. يعرف جيدًا من كان يطالب بتوسيع التدخل العسكري ليشمل الجزائر، ويعرف من كان يحرض ويشتم ويكذب. ويسجل، أيضًا، دور المخزن المغربي في تلك الفترة، حين استغل كل فرصة لإلحاق الضرر بالجزائر، حتى في ملف الجالية التي طُردت من الجزائر كردّ على طرد الجزائر من المغرب في وقت سابق وسرقة أراضيهم وممتلكاتهم إلى اليوم.

ما يوجع اليوم هو رؤية الجزائر، الدولة التي صمدت أمام الحروب والمؤامرات، تفتح ذراعيها لمن كان يتمنى سقوطها، وتبذل المال لمن كان يدعو إلى دمارها، وتمنح الوُدّ لمن كان يصطفّ مع من أرادوا لها السوء.

حقًا… أمرٌ عجيب. وللجزائر رب يحميها.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

تصويت الجزائر في مجلس الأمن… منطق الدولة ينتصر

تعالت أصواتٌ عديدة تندّد بتصويت الجزائر لصالح المشروع الأميركي المتعلق بغزة، معتبرة أنّ ال…