مغامرات السي مقري.. بطولات زائفة على حساب غزة
كلما تابعت أنشطة حركة الإخوان المسلمين، تذكرت كلام السيد نبيل نعيم، مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في مصر وأحد رموز المتطوعين في حرب أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي. فكلما تحدث عن الإخوان نعتهم بالتجار والخونة والأنذال، وكان يستند في أوصافه إلى وقائع وتجارب عاشها بنفسه. فالإخوان ـ حسب رأيه ـ مجرد بائعي كلام، لا تراهم أبدًا في جبهات القتال، بل في الجمعيات التي تجمع الأموال والتبرعات.
تذكرت كلام الشيخ نبيل نعيم عندما شاهدت الأسطول البحري للتضامن مع غزة وفك الحصار عنها، ذلك الأسطول المخترق إلى النخاع من جواسيس الموساد. رأيت بعض الجزائريين يزايدون في تصريحاتهم وكأنهم ذاهبون لتحرير غزة من الاستعمار الإسرائيلي، بينما يعلمون تمام العلم أنهم لن يصلوا إلى شواطئها مهما فعلوا، بناءً على تجارب سابقة. ذهبوا فقط لصناعة بطولات زائفة لأنفسهم بعد أن انتهت المعركة.
انتشرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيها “إخوانجية” الجزائر يطالبون الدولة بالتدخل لإنقاذهم من سجون “إسرائيل” إن اعتُقلوا، مع أنهم يعرفون أن إسرائيل لن تسجنهم، بل ستعيدهم إلى بلدانهم بعد إجراءات روتينية، كما شرحت محامية فلسطينية متخصصة في الدفاع عن اللاجئين على قناة ناطقة بالعربية. فالمسرحية كانت مكشوفة، وقواربهم لم تكن سوى أدوات للاستعراض باسم غزة.
شهادات قُدّمت أمام الكنيست الإسرائيلي حول ما وقع يوم 7 أكتوبر تثبت أن إسرائيل كانت على علم بالهجوم مسبقًا، بل وأصدرت الحكومة تعليمات بعدم التدخل ضد جماعة حماس. حتى الطيارون العسكريون المكلفون بإطلاق النار من طائرات الهليكوبتر على حدود غزة مُنعوا من ذلك. التحقيقات ما تزال جارية ولم تُكشف كل أسرارها بعد. وأتمنى من الإخوان الجزائريين النزهاء أن يطّلعوا على هذه الشهادات ليعرفوا الحقيقة، كما أتمنى من رئيس حزب البناء أن يبتعد عن تنظيم لقاءات تخص أحداث 7 أكتوبر، وألّا يورّط الجزائر في مواقف منحازة، بل ينتظر حتى تتضح الحقائق ويكتفي بالمواقف الرسمية الجزائرية التي أثبتت توازنًا وحنكة.
صناعة البطولات الزائفة بعد فوات الأوان عادة مترسخة لدى الإخوان، نابعة من جبن معروف لديهم، ومن فكر تجاري يقوم على البيع والشراء في كل شيء. أما حماس فقد سيطرت على غزة بدعم وإيعاز من إسرائيل، بهدف ضرب مشروع الدولة الفلسطينية الذي كان الأمل كله معقودًا عليه انطلاقًا من قطاع غزة، حيث المطار الدولي والميناء البحري اللذان كانا يرمزان إلى سيادة الدولة. لكنهما دُمّرا مع بداية سيطرة حماس، ومع مرور الوقت تحولت غزة إلى خراب كامل، بما يخدم مشروع إسرائيل لشق “قناة بن غوريون” بمحاذاة شمال غزة على البحر المتوسط، خاصة بعد اكتشاف الغاز في عرض البحر.
لا أحد يجادل في حجم الدمار والإجرام الذي ألحقته إسرائيل بالفلسطينيين، ولا يوجد عاقل في العالم ينكر أن إسرائيل مارست إبادة جماعية ضدهم. لكن التاريخ سيثبت أن حماس ـ التي قال عنها شيمون بيريز إن إسرائيل هي من أسستها ـ لم تكن سوى أداة في اللعبة وليست بريئة من الجريمة. فالاستعمار الغربي هو الذي صنع حركة الإخوان المسلمين، وما يزال يتحكم فيها إلى يومنا هذا.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…