‫الرئيسية‬ الأولى تركيا تعتقل عناصر من “داعش”… هل انقلب السحر على الساحر؟
الأولى - الحدث - الدولي - رأي - مقالات - ‫‫‫‏‫15 دقيقة مضت‬

تركيا تعتقل عناصر من “داعش”… هل انقلب السحر على الساحر؟

تركيا تعتقل عناصر من “داعش”… هل انقلب السحر على الساحر؟
أعلنت السلطات التركية عن توقيف أكثر من مئة عنصر يُشتبه في انتمائهم لتنظيم “داعش”، كانوا، بحسب الرواية الرسمية، يخططون لتنفيذ هجمات وتفجيرات خلال فترة احتفالات رأس السنة الميلادية. هذه العملية الأمنية الواسعة أعادت إلى الواجهة تساؤلات عميقة حول طبيعة العلاقة السابقة بين أنقرة والتنظيمات المتطرفة، وحول ما إذا كانت تركيا بدأت فعليًا مرحلة مراجعة شاملة لإرث أمني وسياسي ثقيل تراكم خلال السنوات الماضية.

وتزامنت هذه التوقيفات مع إقدام أنقرة على اعتقال عدد من العناصر المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، والمطلوبين من قبل السلطات المصرية، في خطوة فُهمت على أنها محاولة لإعادة ترتيب العلاقات الإقليمية، خاصة مع القاهرة. ويرى متابعون أن هذه التحركات تندرج ضمن مسعى الرئيس رجب طيب أردوغان للتخلص من تبعات احتضان جماعة الإخوان المسلمين لسنوات، وهي السياسة التي أثقلت كاهل الدولة التركية سياسيًا وأمنيًا، ووضعتها في مواجهة مباشرة مع عدد من الدول العربية.

طيلة سنوات، ارتبط مشروع أردوغان الإقليمي بدعم حركات الإسلام السياسي، في إطار رؤية أوسع لإعادة بسط النفوذ التركي في المنطقة، مستلهمة من الإرث العثماني. وقد شمل هذا التوجه، بحسب منتقديه، محاولات التأثير في مصر، والتمدد في شمال إفريقيا، إلى جانب التدخل المباشر في ليبيا عبر دعم فصائل مسلحة وميليشيات موالية لأنقرة، ما ساهم في تعقيد المشهد الأمني الإقليمي.

وفي ما يتعلق بجماعة الإخوان المسلمين، تشير تقارير وتحليلات إلى أن القيادة التركية بدأت تدرك حجم التعقيدات المرتبطة بهذه الجماعة، خاصة بعد الكشف عن اختراقات أمنية وشبكات ولاءات متشابكة، ووجود علاقات لبعض عناصرها مع أجهزة استخبارات أجنبية، إضافة إلى تحالفات داخلية أُعتبرت تهديدًا للاستقرار السياسي في تركيا نفسها. هذه المعطيات دفعت أنقرة إلى إعادة تقييم جدوى الاستمرار في احتضان الجماعة، في ظل مخاوف من تحوّلها إلى عبء أمني بدل أن تكون ورقة نفوذ.

أما تنظيم “داعش”، الذي شكل لسنوات أحد أخطر التحديات الأمنية في المنطقة، فيُنظر إليه من طرف العديد من المحللين على أنه نتاج تداخل مصالح دولية وإقليمية، استُخدم في مراحل معينة كأداة في صراعات النفوذ، قبل أن يتحول إلى تهديد عابر للحدود يصعب التحكم فيه. وقد سبق لضباط استخبارات غربيين سابقين أن تحدثوا، في شهادات إعلامية، عن استغلال هذا التنظيم في سياقات سياسية وأمنية معقدة، خاصة في الساحة السورية.

في هذا الإطار، يرى مراقبون أن توقيف أكثر من مئة عنصر من “داعش” داخل تركيا يعكس إدراكًا متأخرًا لحجم الخطر الذي بات يشكله التنظيم حتى على الدول التي غضّت الطرف عنه في مراحل سابقة. فالعناصر القاعدية داخل التنظيم قد لا تستوعب التحولات السياسية التي جعلتها من ورقة ضغط إلى عبء أمني، ما يزيد من احتمالات انتقال العنف إلى الداخل التركي.

ويحذر محللون من أن “داعش” لا يزال يمثل قنبلة موقوتة، قابلة للانفجار في أي لحظة، خاصة في البيئات التي شهدت تساهلًا أو توظيفًا مرحليًا للتنظيم. ومع انحسار دوره الميداني في سوريا والعراق، وبدء مرحلة تفكيكه الإقليمي، تبقى مخاطر ارتداده على داعميه السابقين قائمة، في ظل غياب حلول جذرية لمعالجة جذور التطرف.

في المحصلة، تطرح الاعتقالات الأخيرة في تركيا سؤالًا جوهريًا: هل تمثل هذه العمليات بداية قطيعة حقيقية مع سياسات الماضي، أم أنها مجرد إجراء ظرفي تفرضه الحسابات الأمنية والضغوط الدولية؟ الإجابة ستتضح مع طبيعة الخطوات القادمة، ومدى استعداد أنقرة لإعادة صياغة دورها الإقليمي بعيدًا عن توظيف التنظيمات المتطرفة كأدوات نفوذ.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

محاولة استهداف بوتين… تصعيد خطير يهدد الاستقرار الدولي

أثارت الأنباء المتداولة حول محاولة استهداف محتملة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين موجة قلق وا…