هل إقصاء كليا نمور وسوسن بوضياف من حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس كان صدفة؟
أثار إقصاء الرياضيتين كليا نمور، بطلة الجمباز، وسوسن بوضياف، بطلة المبارزة، من المشاركة في حفل الافتتاح جدلاً واسعاً. الجانب الجزائري تحدث عن وجود قرعة لم يشهدها أحد من الرياضيين، على عكس قرعة الحج التي تجري أمام المسجلين لطمأنتهم. يبدو أن في الرياضة، لم يكن هناك اهتمام بإطلاع الرياضيين على نتائج القرعة، بل كان التركيز على تنفيذ التعليمات بشكل غير وطني.
يُطرح السؤال: هل من قبيل الصدفة أن الرياضيتين كانتا تابعتين للاتحادات الفرنسية قبل التحاقهما بالاتحادات الجزائرية؟ ألا تكفي هذه المعلومة لإظهار أنهما عوقبتا بسبب قرارهما اللعب لبلدهما الجزائر؟ يمكن تفسير هذا الإقصاء كتحذير من السلطات الفرنسية لكل رياضي جزائري من الجالية بعدم الانضمام للبلد الأم.
العقوبة تبدو واضحة ونُفذت بأيادٍ جزائرية ضد بنات الجالية، تحت ذريعة “القرعة” التي لم يشهدها أحد من الرياضيين. وقد عبرت سوسن بوضياف عن صدمتها من الإقصاء في تدوينة كتبتها بيديها.
ما يزيد من الشكوك حول وجود تعليمات خفية هو أن سوسن بوضياف محجبة، ونعلم جميعاً مدى الحساسية الفرنسية تجاه الحجاب، سواء داخل فرنسا أو خارجها. في الوقت الذي تحترم فيه معظم دول العالم خصوصية الرياضيين والرياضيات، يظل تنفيذ تلك التعليمات ذات الأبعاد السياسية في الألعاب الرياضية التي تهدف إلى التسامح والتآخي بين الشعوب أمراً مؤرقاً.
الألعاب الأولمبية في باريس بدأت بأكبر فضيحة في تاريخ الجزائر منذ استقلالها، تمثلت في التلاعب وتغيير الألوان الوطنية. جاءت التبريرات بشكل ساذج وغير مقنع، مما يعكس تساهلاً مخجلاً وتآمرياً في التعامل مع رموز الدولة الجزائرية.
فرنسا حاولت سابقاً طمس الهوية الجزائرية من خلال تنظيم “اليد الحمراء” الإرهابي خلال الحرب التحريرية. اليد الحمراء قتلت الشهيد أكلي عيسيو، المناضل الشرس في جبهة التحرير الوطني، ولكن فرنسا تفاجأت بظهور العلم الوطني وألوانه الثلاثة على كل تلفزيون في العالم خلال مراسم دفن الشهيد في عام 1960. ما أرادته “اليد الحمراء” كان إخماداً لآثار الثورة الجزائرية في الخارج، ولكن قتل الشهيد أكلي عيسيو تحول إلى حدث عالمي لصالح الثورة الجزائرية، وشاهد الجميع لأول مرة الراية الجزائرية بألوانها الثلاثة تغطي تابوت الشهيد، مما شكل صدمة ضخمة للاستعمار الفرنسي وأدى إلى عكس ما كان يريد تحقيقه عبر تنظيمه الإرهابي “اليد الحمراء”.
لخضر فراط صحفي معتمد في الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
المروك على حافة الانهيار الاقتصادي ويبحث منفذا عبر الجزائر
تكثّف دوائر المخزن في المروك خلال الأسابيع الأخيرة حملاتها الإعلامية الممولة عبر مقالات مد…







