صفعة قانونية لرمز العنصرية والكراهية ضد الجزائر..العدالة الفرنسية تُسقط مارين لوبان
أصدرت محكمة فرنسية حكمًا بإدانة زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، ابنة المظلي السابق في جيش الاحتلال الفرنسي بالجزائر، بالسجن لمدة أربع سنوات، منها سنتان نافذتان، مع تجريدها من حقوقها المدنية، ما يعني منعها من الترشح لأي منصب سياسي. وتأتي هذه الإدانة التي خلخلت المشهد السياسي الفرنسي في أعقاب تحقيقات معمقة كشفت ضلوعها في واحدة من أكبر قضايا الفساد المالي داخل البرلمان الأوروبي، حيث تجاوزت قيمة الأموال المختلسة أربعة ملايين يورو.
مارين لوبان، التي سارعت إلى تقديم طعن في الحكم، أطلقت مع أنصارها حملة إعلامية مكثفة لتصوير نفسها كضحية لـ”عدالة مسيّسة”، في محاولة لتأليب الرأي العام الفرنسي والدولي. إلا أن المعطيات القضائية والوثائق المرفقة بالملف تشير إلى أن الأدلة ضدها دامغة، ويعتبرها خبراء القانون شبه قاطعة، ما يجعل احتمال حصولها على البراءة ضئيلاً في محاكم الاستئناف.
وتُظهر القضية أن لوبان كانت تستغل أموال البرلمان الأوروبي لدفع رواتب شهرية، تتراوح بين 5000 و11,000 يورو، لأشخاص من محيطها العائلي والمهني، من بينهم شقيقتها، زوجها، سائقها، إضافة إلى شخصيات كانت مكلفة بخدمة والدها، جان-ماري لوبان، الذي يُعرف بتاريخه دموي في الجزائر إبان الاستعمار. هذه الممارسات امتدت لأكثر من أحد عشر عامًا، وشكّلت شبكة منظمة من تحويل المال العام نحو أغراض شخصية، في خرق سافر للقانون الأوروبي.
وعقب صدور الحكم، انهالت التهديدات على القاضية التي ترأست الجلسة، في تصعيد خطير يعكس مدى التوتر داخل صفوف اليمين المتطرف، الذي سارع بدوره إلى اتهام الجهاز القضائي بالتحيّز والتآمر السياسي. وتأتي هذه الهجمات ضمن موجة من الشكوك التي يحاول أنصار لوبان بثّها لتقويض مصداقية العدالة، رغم أن مسار التحقيق والإجراءات القضائية تمّت وفق أرقى المعايير القانونية الأوروبية.
أما في الجزائر، فقد قوبل الحكم بارتياح واسع، لا سيما في أوساط الجالية الجزائرية في أوروبا، التي رأت فيه صفعة مستحقة لشخصية سياسية لم تُخفِ يومًا عداءها العلني للجزائر وشعبها. فمارين لوبان اشتهرت بتصريحاتها الاستفزازية والداعمة للاستعمار الفرنسي، ولم تتوانَ عن مهاجمة أي تقارب فرنسي-جزائري، بل عمدت في كل مرة إلى صب الزيت على نار العلاقات الثنائية.
وحتى ابنها السياسي، جوردان بارديلا، الرئيس الحالي لحزب “التجمع الوطني”، يسير على خطاها بخطاب لا يقل تطرفًا وعدائية تجاه الجزائر والمهاجرين من أصل مغاربي بوجه خاص.
هذه الإدانة القضائية، التي من المرجّح أن تكون لها تبعات سياسية بعيدة المدى، تأتي في وقت حساس بالنسبة لليمين المتطرف الفرنسي، الذي كان يراهن على مارين لوبان كأقوى المرشحين للرئاسيات المقبلة. ومع هذا السقوط المدوي، تبددت آمالها في الوصول إلى قصر الإليزيه، رغم ما كانت تشير إليه استطلاعات الرأي في السابق من تقدمها في نوايا التصويت.
وتشير مصادر قضائية إلى أن شخصيات أخرى داخل معسكر اليمين المتطرف، وربما من أحزاب اليمين التقليدي، قد تكون أيضًا محل تحقيقات في ملفات مشابهة تتعلق بتبديد المال العام والتلاعب بأموال الاتحاد الأوروبي.
في النهاية، لا يبدو أن القضية ستتوقف عند حدود مارين لوبان، بل قد تكون بداية لسلسلة من المحاكمات التي ستعيد تشكيل الخارطة السياسية الفرنسية، وتضع حدًا لاستخدام المؤسسات الأوروبية كأداة لتمويل شبكات الولاء السياسي والفساد.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…