قسنطينة تفقد صوت المالوف… رحيل الفنان أحمد عوابدية بعد مسيرة وفاء للتراث

قسنطينة تفقد صوت المالوف… رحيل الفنان أحمد عوابدية بعد مسيرة وفاء للتراث

فقدت مدينة قسنطينة، اليوم الخميس، أحد أبرز الأصوات الحافظة لفن المالوف الأصيل، بوفاة الفنان أحمد عوابدية عن عمر ناهز ستين عاماً، بعد معاناة مع المرض، وفق ما أفادت به مديرية الثقافة والفنون بالولاية. ووافته المنية بالمستشفى العسكري الجهوي الجامعي الشهيد عبد العالي بن بعطوش بالمقاطعة الإدارية علي منجلي.

يُعدّ الراحل واحداً من أبرز حماة التراث الموسيقي الجزائري، إذ كرّس مسيرته للحفاظ على المالوف القسنطيني في صورته الأصلية، واعتُبر لسنوات طويلة صوتاً وفياً للمدرسة الأندلسية ومخزونها المقامي، حريصاً على نقله للأجيال دون تشويه أو تمييع.

تميز أحمد عوابدية بحسّ فني رفيع، ودقة في الأداء مقتبسة من التكوين التقليدي للنوبات والأدوار والموشحات. وخلّف مكتبة سمعية واسعة تشهد على التزامه بالضوابط اللغوية والمقاماتية الصارمة لفن المالوف، وهو ما جعله يحظى بمكانة خاصة لدى الجمهور والمتخصصين على حد سواء.

أدى الراحل قطعاً تراثية أصبحت مرتبطة بصوته، منها: «يا مدبّر هم الفرقة»، «يا عاشقين»، «صالح باي»، وقصيدة «طال الضر عليّ» المعروفة باسم «ظالمة». كما سجّل في ثمانينيات القرن الماضي أعمالاً إضافية أعاد من خلالها تقديم قطع شهيرة على رأسها: «ناري وقرحتي» و«سباب القلب الحزين»، ما بيّن امتداد صوته خارج قسنطينة وباقي الولايات.

وشهد المسرح الجهوي بقسنطينة وعدد من المسارح شرق البلاد تقديم الراحل نوبات كاملة من المالوف في شكلها الأصلي، نذكر منها «رمل الماية»، «البرق»، و«فاح الزهر فاح»، وهي عروض حافظ فيها على القواعد المقامية المتوارثة للأندلسيات دون إسراف في التوزيع أو التعديل.

برحيل أحمد عوابدية، تفقد الساحة الفنية الجزائرية اسماً بارزاً من جيل حافظ على الفن العريق في صورته الصحيحة، وظلّ مخلصاً لنغمه وهويته حتى آخر لحظة. وقد ترك بصمته واضحة في مسار المالوف القسنطيني الذي وجد فيه هويته ومدرسته ومساحة وفائه للتراث.