محاولة استهداف بوتين… تصعيد خطير يهدد الاستقرار الدولي
أثارت الأنباء المتداولة حول محاولة استهداف محتملة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين موجة قلق واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية الدولية، لما تحمله من دلالات خطيرة على مسار الحرب الروسية-الأوكرانية وعلى استقرار النظام الدولي ككل. فقد اعتبرت موسكو، على لسان المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن أي استهداف مباشر لرئيس الدولة يمثل تجاوزًا غير مسبوق للأعراف والتقاليد السياسية المعمول بها دوليًا، مؤكدة أن روسيا تحتفظ بحق الرد المناسب في حال ثبوت تورط كييف في هذا النوع من العمليات.
وتشير الرواية الروسية إلى أن الهجوم المزعوم استهدف موقعًا مرتبطًا بالرئيس بوتين، في خطوة وُصفت بأنها انتقال خطير من المواجهة العسكرية التقليدية إلى استهداف مباشر للقيادة السياسية. ويرى مراقبون أن هذا النوع من العمليات، إن ثبت، يشكل سابقة خطيرة في العلاقات الدولية المعاصرة، خاصة إذا تعلق الأمر برئيس دولة كبرى وواحدة من أقوى القوى النووية في العالم.
في هذا السياق، تُقارن موسكو بين ما تعتبره ضبطًا للنفس أبدته طوال النزاع، وبين هذا التصعيد المحتمل، مشيرة إلى أنها، رغم امتلاكها قدرات استخباراتية وعسكرية كبيرة، لم تقدم على استهداف القيادة الأوكرانية بشكل مباشر. وتُقدَّم هذه المقارنة في الخطاب الروسي على أنها دليل على التزام نسبي بقواعد الاشتباك غير المكتوبة التي تحكم النزاعات بين الدول.
وتزامن تداول هذه الأنباء مع تحركات دبلوماسية للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في الولايات المتحدة، ما أضفى بعدًا سياسيًا إضافيًا على القضية. وتحدثت بعض التحليلات عن فتور في الاستقبال الرسمي، ووجود انزعاج داخل بعض الدوائر الأمريكية من أي خطوات قد تُفسر على أنها تصعيد غير محسوب، خاصة في مرحلة تشهد محاولات لإعادة ضبط مسار الأزمة وتفادي توسعها.
ويرى محللون أن استهداف رئيس دولة، في حال تأكده، لا يمكن اعتباره مجرد عملية عسكرية عابرة، بل فعلًا قد يفتح الباب أمام سيناريوهات بالغة الخطورة، تصل حد تهديد السلم الدولي. فاغتيال أو محاولة اغتيال رئيس دولة عظمى قد يشعل مواجهة مباشرة بين قوى كبرى، ويضع العالم على حافة صراع واسع النطاق لا يمكن التحكم في مآلاته.
وتحذر قراءات استراتيجية من أن مثل هذا التصعيد قد يدفع موسكو إلى الرد بقوة غير مسبوقة، ليس فقط في الإطار الأوكراني، بل على مستوى إعادة رسم قواعد الردع الدولية. وفي هذا السياق، يُنظر إلى أي تهور محتمل من هذا النوع على أنه مغامرة عالية الكلفة، قد تجعل أوكرانيا الخاسر الأكبر سياسيًا واستراتيجيًا.
من جهة أخرى، يعيد هذا التطور إلى الواجهة الجذور العميقة للنزاع، خاصة ما يتعلق بمنطقة دونباس، التي تقول موسكو إنها تدخلت لحماية سكانها الناطقين بالروسية، بعد سنوات من التهميش والصراع المسلح الذي أوقع آلاف القتلى. وتشدد الرواية الروسية على أن هذه المنطقة ذات أهمية ديمغرافية وثقافية وأمنية كبيرة، وأن فقدانها شكّل نقطة تحول مفصلية في الأزمة الأوكرانية.
كما يربط بعض المحللين بين الصراع العسكري والانقسامات الداخلية داخل أوكرانيا، سواء على أساس لغوي أو ديني أو سياسي، معتبرين أن هذه العوامل، إلى جانب الاعتبارات الأمنية الروسية، تجعل النزاع أكثر تعقيدًا من مجرد مواجهة تقليدية بين دولتين.
في المحصلة، فإن الحديث عن محاولة استهداف الرئيس الروسي، سواء تأكدت تفاصيله أو بقيت في إطار الاتهامات المتبادلة، يكشف مستوى غير مسبوق من التصعيد في الصراع الدائر. وهو تصعيد، إن خرج عن السيطرة، قد يفتح مرحلة جديدة من عدم الاستقرار العالمي، ويطرح تساؤلات جدية حول مستقبل قواعد التعامل بين الدول، وحدود ما يمكن اعتباره “مسموحًا” في النزاعات المعاصرة.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
تركيا تعتقل عناصر من “داعش”… هل انقلب السحر على الساحر؟
أعلنت السلطات التركية عن توقيف أكثر من مئة عنصر يُشتبه في انتمائهم لتنظيم “داعش”، كانوا، ب…






