‫الرئيسية‬ الأولى أبناء الحركى، المال الفاسد والشواذ.. شبكات فرنسا في الجزائر
الأولى - الوطني - مقالات - 12 مايو، 2025

أبناء الحركى، المال الفاسد والشواذ.. شبكات فرنسا في الجزائر

أبناء الحركى، المال الفاسد والشواذ.. شبكات فرنسا في الجزائر
تتسبب فرنسا،مرة أخرى، في أزمة جديدة مع الجزائر، عبر إرسالها عملاء تابعين لجهاز استخباراتها الداخلي (DGSI) باستعمال طرق خارجة عن القانون الجزائري، وهو تجاوز خطير رفضته الجزائر بشكل قاطع، فأمرت بطرد هؤلاء العملاء واحتجّت دبلوماسيًا على هذه الممارسات. من الواضح أن نية فرنسا ليست التهدئة أو احترام أسس التعاون بين الدولتين، بل يبدو أنها تسعى إلى التصعيد وتعفين العلاقات لتحقيق أهداف أبعد.

من بين النقاط التي تثير القلق، ما يتم تداوله في بعض الدوائر الغربية حول التحضير للانتخابات الرئاسية القادمة في الجزائر، في دلالة صريحة على محاولة فرنسا التأثير في هذا الاستحقاق الوطني. إنها ليست محاولة جديدة، فقد سبق لفرنسا أن دعمت أنظمة سابقة خدمت مصالحها، وكان الثمن باهظًا دفعه الشعب الجزائري من مدخراته، إلى درجة إيصال البلاد إلى شفير الإفلاس، رغم الإيرادات الضخمة التي جنتها الجزائر خلال سنوات ارتفاع أسعار المحروقات.

ولغاية اليوم، لا تزال الشفافية غائبة حول حجم الأموال التي جنتها فرنسا من الجزائر خلال فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والتي تشير التقديرات إلى أنها تجاوزت 1200 مليار دولار، أُهدرت في حقبة يُجمع الجزائريون على وصفها بالفاسدة.

أمام هذه النيات الاستعمارية الواضحة التي تؤكدها تسريبات من دوائر القرار الفرنسي، فإن المواجهة أصبحت ضرورية، بل حتمية، من أجل حماية السيادة الوطنية، وضمان استمرارية التيار الوطني على رأس مؤسسات الدولة، مدنيًا وعسكريًا.

وينبغي التنبه إلى أساليب الاختراق الفرنسية التي تعتمد بشكل خاص على شبكات اجتماعية وإعلامية داخل الجزائر، من أبرزها شبكات الشواذ جنسيًا، وأبناء الحركى، الذين شكّلوا تاريخيًا أحد أعمدة النفوذ الفرنسي في الجزائر، بدعم من رجال المال الفاسدين.

كما يجب تفكيك الشبكات الأخرى التي زرعها النظام السابق، والتي لم تكن بمعزل عن فرنسا. فالفساد لم يكن مجرد ظاهرة داخلية، بل أداة من أدوات التدخل الأجنبي، استغلتها القوى الاستعمارية القديمة والجديدة لزعزعة استقرار البلاد.

التحركات الفرنسية اليوم لا تخفى على أحد، خاصة في ظل أزمتها الاقتصادية الخانقة، التي تفاقمت بعد سلسلة من الهزائم الدبلوماسية والعسكرية، وآخرها فضيحة الطائرات الفرنسية في الحرب الأخيرة بين الهند وباكستان، والتي كشفت عن هشاشة “السمعة العسكرية” التي كانت فرنسا تحاول الترويج لها. هذه الضربات تعمّق من أزمتها وتزيد من عدوانيتها تجاه الجزائر.

وعليه، فإن على الجزائر أن تبدأ فورًا في تأسيس جبهة سياسية وطنية، تضم شخصيات مدنية وعسكرية من داخل السلطة وخارجها، بعيدًا عن التصنيفات الإيديولوجية الضيقة، من أجل تشكيل درع وطني متماسك، قادر على حماية الدولة وتوفير الإطارات الكفؤة لتولي المناصب الحساسة في دواليب الحكم.

ولا مانع من الاستعانة بالإطارات الوطنية المتقاعدة، ممن تملك خبرات كبيرة ومهارات نوعية يمكن أن تكون عنصرًا حاسمًا في معركة الإصلاح العميق التي تحتاجها الدولة.

التحضير لمواجهة هذا الخطر يجب أن يكون استباقيًا وليس رد فعل، حتى لا تكون فترة الرئيس عبد المجيد تبون مجرد مرحلة عابرة، ونعود بعدها إلى نفس دوامة الفساد والتبعية التي أهدرت ثروات الجزائريين، واغتنت منها فرنسا.

فلنأخذ العبرة من تجارب الماضي، ولنستفد من التحالفات الجديدة التي عقدتها الجزائر مع قوى صاعدة مثل الصين وروسيا، وهي تحالفات يمكن أن تشكّل عمادًا لحماية القرار السيادي الجزائري ومواجهة المخططات الاستعمارية الجديدة، التي تهدف إلى إسقاط التوجه الوطني واستنزاف مقدّرات البلاد.

لم يعد هناك مجال للشك في نوايا فرنسا، ولا في محاولاتها توظيف حتى الملفات الدولية، مثل “التأسيس لحلف عسكري أوروبي لمواجهة روسيا”، كغطاء لتوسيع نفوذها وتحقيق أجنداتها، وربما التلويح بها كوسيلة ضغط على دول مثل الجزائر.

الوجه الاستعماري لفرنسا لم يعد خفيًا، وأصبح مدركًا لدى الجميع، صغيرًا وكبيرًا، صديقًا وعدوًا. والمطلوب اليوم هو وعي شعبي ورسمي بهذا الخطر، وترجمة هذا الوعي إلى إجراءات فعلية لتحصين الدولة وبناء استقلال حقيقي لا يخضع للابتزاز.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…