‫الرئيسية‬ الأولى أنور مالك على لائحة التضليل.. لندن وواشنطن تكشفان زيف “تحالف تندوف – طهران”
الأولى - الوطني - مقالات - 1 يونيو، 2025

أنور مالك على لائحة التضليل.. لندن وواشنطن تكشفان زيف “تحالف تندوف – طهران”

أنور مالك على لائحة التضليل.. لندن وواشنطن تكشفان زيف “تحالف تندوف - طهران”
يواصل أنور مالك في كتابه الجديد “البوليساريو وإيران: أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف”، ما بدأه قبل سنوات، حملات منظمة ضد جبهة البوليساريو وقضية الصحراء الغربية، عبر تسويق سرديات مشحونة بالخوف والتحريض، تتحدث عن “تحالف” مزعوم بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجبهة البوليساريو، دون تقديم أي دليل حقيقي أو مصدر موثوق يدعم هذه الادعاءات.

غير أن هذا الكتاب، رغم الهالة الإعلامية التي رُوّج لها في الأوساط الرسمية المغربية، يفتقر تمامًا إلى الأسس المهنية والتحقيقية، ويقوم على سلسلة من الإدعاءات التي سرعان ما تم نفيها، بل وتفنيدها علنًا، من قبل مسؤولين غربيين كبار، أبرزهم جون بولتون، ووزراء في الحكومة البريطانية.

في مقال نشرته صحيفة Washington Times بتاريخ 28 مايو 2025، قال جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق: “جبهة البوليساريو ليست منظمة إرهابية، كما يدعي حلفاء المغرب. بعض هؤلاء الخصوم يروجون دون دليل أن البوليساريو أصبحت تحت تأثير إيران. هذه معلومات مضللة تهدف إلى صرف انتباه الولايات المتحدة عن عرقلة المغرب الطويلة الأمد للاستفتاء الأممي.”

وفي سياق متصل، حذر بولتون من محاولات متزايدة لإضعاف جبهة البوليساريو عبر حملات دعائية تتهمها بالتبعية لإيران أو تلقي تدريبات من الحرس الثوري والميليشيات الشيعية، معتبراً أن هذا التشويش يخدم هدفًا وحيدًا: التغطية على رفض المغرب الالتزام بمقررات الأمم المتحدة وتنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي. وأضاف أن هذه المزاعم نفتها رسميًا كل من جبهة البوليساريو والنظام السوري، ومع ذلك تستمر دوائر سياسية وإعلامية مغربية وغربية في الترويج لها، بهدف تقويض الدعم الدولي المتزايد لحقوق الصحراويين.

في ضوء تصاعد هذه الادعاءات، جاء الموقف البريطاني الرسمي ليقطع الشك باليقين. ففي رد كتابي داخل مجلس العموم البريطاني بتاريخ 6 مايو 2025، أوضح وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية هاميش فالكونر ما يلي: “الحكومة البريطانية لا تملك أي معلومات تؤكد المزاعم حول تقديم الحرس الثوري الإيراني أو حزب الله دعماً عسكريًا أو تكنولوجيًا لجبهة البوليساريو.” وأضاف فالكونر أن المملكة المتحدة تواصل دعم جهود الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين، يضمن حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية.

بهذا الموقف، تكون لندن قد نفت رسميًا وجود أي علاقة عسكرية أو استخباراتية بين إيران والبوليساريو، وهو ما يُسقط عمليًا ادعاءات أنور مالك التي يعتمد فيها على “تسريبات استخباراتية” لا يعرف مصدرها سوى خياله.

في مقال بولتون أيضًا، ورد تحذير من بعض الأصوات في الكونغرس الأميركي التي تسعى إلى تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية. إلا أن بولتون فنّد هذه المحاولات، مؤكدًا أن الصحراويين يُعتبرون من أكثر شعوب المنطقة اعتدالًا من الناحية الدينية، ولم يسجل ضدهم أي انخراط في الحركات المتطرفة.

وأشار إلى أن مخيمات اللاجئين الصحراويين تستضيف منذ سنوات طويلة منظمات إنسانية أمريكية وأوروبية، تقدم الدعم الطبي والتعليمي، وهو ما عزز ثقة عدد من صناع القرار الأميركيين، وعلى رأسهم السيناتور الراحل جيمس إنهوف، الذي دافع باستماتة عن القضية الصحراوية لقناعته بعدالة مطالبها وسلمية شعبها.

المشكلة في كتاب أنور مالك لا تكمن فقط في محتواه، بل في النية السياسية الموجهة التي تقف وراءه. الرجل ليس باحثًا محايدًا، ولا صحفيًا محترفًا، بل أصبح منذ سنوات واجهة إعلامية لأجندة خليجية/مغربية مشتركة، تسعى لخلط الأوراق وتزييف الوقائع، وترويج روايات دعائية موجهة.

ومن اللافت أن ما يسوقه اليوم عن “علاقة البوليساريو بإيران” هو نفسه ما سبق أن استخدم ضد حماس، وحزب الله، وسوريا، واليمن… حيث تتكرر نفس المصطلحات، وتُعاد نفس الحكايات، فقط مع تبديل أسماء الجهات المستهدفة.

ببساطة، كتاب “البوليساريو وإيران” ليس تحقيقًا استقصائيًا ولا مرجعًا استخباراتيًا، بل كتيب دعاية يخدم أجندات سياسية ضيقة، ويقف على النقيض تمامًا من الحقائق الدولية والمواقف الرسمية المعترف بها. فإذا كانت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تنفي وجود علاقة بين البوليساريو وإيران، فمن إذًا المستفيد من هذه الحملة؟ الجواب واضح، أنظمة تسعى لتجريم نضال الشعب الصحراوي، وتخشى أن يجد صوته صدى أوسع في العالم، فيلجأون إلى أنور مالك ومن على شاكلته لتأدية دور “الصحفي المرتزق” الذي يكتب تحت الطلب.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!

تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…