إجراءات جديدة في بيع وترقيم السيارات في الجزائر
أقرّت الحكومة الجزائرية جملة من التعديلات التنظيمية التي تمسّ بشكل مباشر سوق السيارات، سواء ما يتعلق ببيعها أو تسجيلها، وذلك بموجب مرسوم تنفيذي وقّعه الوزير الأول. وتأتي هذه الإجراءات في إطار مسعى رسمي لتعزيز الشفافية في المعاملات المرتبطة بالسيارات، وتحقيق رقابة أكثر صرامة على وضعية المركبات المطروحة في السوق، سواء كانت جديدة أو مستعملة، إلى جانب الحد من التحايل والغش الذي طالما ميّز سوق السيارات المستعملة في البلاد.
من بين أبرز التعديلات التي تضمنها المرسوم الجديد، تلك المتعلقة بعمليات البيع بين الخواص، حيث أصبح من الضروري على البائع إعلام السلطات المحلية بإتمام عملية البيع، من خلال تقديم تصريح رسمي إلى والي الولاية، يتضمّن هوية المشتري ومحل إقامته. كما يُفرض على البائع التأشير على البطاقة الرمادية للمركبة بعبارة “تم البيع بتاريخ…”، مع العلم أن هذه البطاقة لا تعود صالحة للسير بعد مرور شهر واحد من تاريخ البيع. هذه الخطوة تمثل تحوّلاً كبيرًا في طريقة التعامل مع عمليات البيع بين الأفراد، وتفرض نوعًا من الانضباط الذي كان غائبًا عن السوق منذ سنوات.
أما في حال البيع لمهني معتمد وليس لوسيط، فإن المشتري مطالب بإيداع البطاقة الرمادية وشهادة الشراء لدى الجهات المختصة خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يومًا من تاريخ إتمام الصفقة. وتُبرز هذه الإجراءات رغبة السلطات في خلق آليات تعقب دقيقة لتحركات المركبات في السوق، وتفادي بيع سيارات بطرق ملتوية أو تسجيلها باسم غير المالك الحقيقي لها.
أما فيما يتعلق بترقيم السيارات الجديدة، فقد فرض التنظيم الجديد أن يتم إيداع ملف طلب الترقيم لدى والي الولاية من طرف المالك الجديد، بشرط أن تكون المركبة مقتناة من موزع أو مصنع معتمد. ويجب أن يحتوي الملف على شهادة المطابقة ووثيقة البيع الرسمية، وفي حال استيفاء الشروط يتم إصدار البطاقة الرمادية الجديدة، ما يعني دخول السيارة رسميًا إلى حيز الاستغلال القانوني.
وبالنسبة للسيارات المستعملة، فالوضع أكثر تعقيدًا، إذ لا بد على المالك الجديد من تقديم طلب تعديل البطاقة الرمادية مرفقًا بكامل الوثائق، على غرار النسخة الأصلية من البطاقة، وعقد البيع، وأي وثيقة تثبت التعديلات التقنية التي قد تكون طرأت على المركبة. وفي هذه الحالة، يتعيّن على السيارة المعنية الخضوع لفحص تقني صارم للتأكد من مدى مطابقتها للمعايير الوطنية، قبل إعادة تسجيلها من جديد.
أما التجار المعتمدون الذين ينشطون في مجال بيع السيارات المستعملة، فقد باتوا مطالبين بالامتثال لإجراءات أكثر صرامة. إذ يتوجب عليهم عند إتمام البيع أن يسلموا للمشتري بطاقة رمادية معنونة بعبارة “تم البيع بتاريخ…” إلى جانب شهادة شراء رسمية، كما يجب عليهم إيداع تصريح الشراء لدى السلطات المحلية ضمن الآجال القانونية، لتسهيل تتبع المركبة المعنية ومصدرها ومسارها القانوني. ولا يمكن لهؤلاء المهنيين عرض أية مركبة للبيع إلا إذا كانت تستوفي كل الشروط التقنية والقانونية، بما في ذلك مطابقتها لمعايير السلامة، وإجراء فحص تقني في حال طرأت عليها تعديلات أو تجهيزات خاصة تستوجب ذلك. وفي هذه الحالات، يجب تعديل البطاقة الرمادية بما يعكس الحالة التقنية الجديدة للسيارة.
وتتضمن الإصلاحات أيضًا تسهيلات إدارية معينة لفائدة مالكي السيارات، لا سيما في حال تغيير المالك، أو تعديل بيانات البطاقة الرمادية، أو عند تحويل السيارة من ولاية إلى أخرى. حيث يُمكن للمالك الجديد تقديم طلب رسمي لدى والي الولاية المختصة، لتحديث بيانات السيارة ومطابقة وضعيتها القانونية. غير أن هذا التحويل قد يخضع لفحص تقني إضافي يهدف إلى التأكد من مطابقة السيارة للمعايير القانونية المعمول بها، خاصة إذا كانت هناك مؤشرات على وجود تغييرات جوهرية في المركبة منذ تسجيلها السابق.
في المجمل، تعكس هذه التعديلات القانونية إرادة واضحة لدى السلطات الجزائرية للسيطرة على سوق السيارات وتحصينه من الممارسات غير القانونية التي لطالما شوهته، خاصة في ظل تضخم السوق الموازية للسيارات المستعملة، وما تشهده من معاملات غير موثقة. وبين من يرى فيها آلية تنظيم وضبط ضرورية، ومن يعتبرها تعقيدًا بيروقراطيًا إضافيًا قد يثقل كاهل المواطن البسيط، يبقى نجاح هذه الإجراءات مرهونًا بمدى نجاعة التطبيق، وشفافية الأداء الإداري، وفعالية الرقابة الميدانية، بعيدًا عن منطق التسويف الذي عرفته الإصلاحات السابقة.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
لقاء موسّع بين وزير الاتصال والنقابات…
يواصل وزير الاتصال زهير بوعمامة خطواته الميدانية لإعادة بعث ديناميكية جديدة في قطاع الإعلا…