إصلاحات مرتقبة في حكومة الرئيس تبون
ألمح الرئيس عبد المجيد تبون، في لقائه الإعلامي مع وسائل الإعلام الوطنية، إلى إمكانية إجراء تغييرات حكومية قريبة، رغم أنه لم يحدد القطاعات التي قد يشملها التعديل. غير أن إشارته إلى “أداء غير مقنع لبعض المسؤولين في نظر الشعب” توحي بوجود نية جادة لإحداث تغييرات، وتبقى فقط مسألة تحديد توقيتها.
تصريحات الرئيس تؤكد عزمه على تعديل في الطاقم الحكومي، وربما يشمل التغيير مناصب أخرى أصبحت محل انتقاد حاد من عدة جهات. وهنا يجب أن نميز بين النقد المهني البنّاء الذي يستهدف الأداء والكفاءة، وبين التشهير الشخصي الذي لا يخدم العمل الحكومي ولا يساهم في إصلاحه.
لقد أصبحت لدى شريحة من الجزائريين قناعة بأن المنصب العمومي يُستغل لخدمة المصالح الشخصية، لا لأداء الواجب الوطني. وعند الحديث عن الوطنية، يُقابل بعض الناس ذلك بالسخرية، نتيجة لتجارب مريرة مع ممارسات سابقة من السلطة، أدت إلى تدهور صورة المناصب العليا. فحين يُعيَّن مسؤول وهو غير قادر صحيًا على أداء مهامه، لمجرد الاستفادة من الأجر والمنصب للعلاج، فإننا نخرق بذلك المعايير السياسية المتعارف عليها عالميًا، ولا يمكن حينها أن ننتظر تجنيدًا وطنيًا حقيقيًا في الدفاع عن البلاد.
نأمل أن يكون التغيير القادم على قدر التحديات التي تفرضها المرحلة المقبلة، وأن يُغادر منطق التعيين القائم على المحسوبية والولاءات، الذي عانت منه الجزائر طيلة عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والذي أوصل البلاد إلى وضع متردٍ. المطلوب الآن هو الاعتماد على الكفاءات والسير الذاتية، بما يتناسب مع متطلبات كل منصب، خاصة ونحن نعيش بدايات تعبئة وطنية عامة.
شخصيًا، أتمنى إعادة تأسيس جبهة وطنية لحماية الجزائر، تلتف حولها القوى الوطنية من داخل السلطة وخارجها، لتكون درعًا سياسيًا يحمي البلاد من المخاطر المحتملة. فكل دولة تحتاج إلى أحزاب سياسية فاعلة، ولا يمكن الحكم خارج الأطر السياسية. ولدينا في الجزائر قاعدة واسعة من الوطنيين، يمثلون الامتداد الطبيعي لحركة التحرر الوطني، ويمكن إعادة تنظيمهم والاستفادة منهم كقوة سياسية فاعلة.
الاعتماد على الإدارة وحدها لم يعد مجديًا، خاصة وأنها، كما وصفها الرئيس تبون نفسه، تعاني من الفساد. وإدارة فاسدة لا يمكن أن تحقق أي إصلاح، بل تُفرغ التوجيهات السياسية من مضمونها، وتُعيق مسار التنمية.
لا أحد ينكر للرئيس تبون توجّهاته الوطنية، ورؤيته التنموية لصالح الشعب الجزائري. ما نحتاجه الآن هو تثمين هذا المسار سياسيًا، من خلال تأسيس جبهة وطنية تتبنى هذا المشروع وتُشكّل سندًا له، بعد أن غُيّبت الإرادة السياسية لسنوات طويلة في عهد النظام السابق.
إن المجتمع الجزائري بحاجة إلى رعاية وتنظيم وتوجيه سياسي، ولا يصح أن يُترك فريسة سهلة للتطرف والإرهاب والتيارات الهدامة.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…