إقبال قياسي يعيد رسم مستقبل “سيلا”
أسدل الستار مساء اليوم على فعاليات الطبعة الثامنة والعشرين من صالون الجزائر الدولي للكتاب في أجواء احتفالية امتزج فيها دفء الكلمة بحميمية الختام، وذلك بحضور وزيرة الثقافة والفنون الدكتورة مليكة بن دودة، ومحافظ الصالون محمد أقرب، وعدد معتبر من الشخصيات الأدبية والفكرية والإعلامية. وقد شكل اللقاء لحظة مميزة للإعلان عن توجه جديد يقضي بتمديد مدة الصالون في الطبعات القادمة، وهو قرار جاء ليعكس النجاح اللافت لهذه الدورة التي قارب عدد زوارها ستة ملايين زائر، وهو رقم استثنائي في تاريخ التظاهرات الثقافية بالجزائر والمنطقة.
وأكدت وزيرة الثقافة والفنون أن هذا النجاح لم يكن مجرد ارتفاع في عدد الزوار، بل تجسيد فعلي لتعطش المجتمع الجزائري للكتاب والمعرفة. وأوضحت أن الصالون في دورته الحالية تجاوز حدود التظاهرة الثقافية التقليدية ليصبح “صوتًا وطنيًا مفتوحًا على العالم”، يبرهن أن الجزائر، عندما تتحدث ثقافيًا، يُصغي لها الجميع. وأضافت أن الكتاب كان أولويتها منذ تسلم مهامها، وأن العمل الذي قامت به الوزارة وفِرقها المتعددة سمح بتقديم صورة “الجزائر المتفتحة على العالم، المتمسكة بهويتها، والمؤمنة بأن الثقافة قوة بناء”. وأشارت إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد جهودًا إضافية لجعل القراءة ممارسة يومية ومنهجًا وطنيًا، بالتعاون مع مؤسسات الدولة لضمان وصول الكتاب إلى كل مناطق الوطن دون استثناء.
ومن جانبه، قدم محافظ الصالون محمد أقرب حصيلة مفصلة للطبعة، معلنًا تسجيل رقم قياسي في عدد الزوار بلغ خمسة ملايين وستمئة ألف زائر، مع الإشارة إلى أن نحو تسعمئة ألف شخص زاروا الصالون في يوم واحد فقط، وهو ما لم يحدث في أي دورة سابقة. كما توقع أن تتجاوز الحصيلة النهائية ستة ملايين زائر في ظل الإقبال الكبير. وأوضح أن الصالون استقطب 1258 عارضًا من 49 دولة، توزعوا على مساحة 23 ألف متر مربع، وعرضوا أكثر من 140 ألف عنوان. كما شهد مشاركة 270 ضيفًا من مختلف القارات ضمن برنامج ثقافي ثري تخطى 530 نشاطًا، شمل ندوات فكرية، جلسات توقيع، ورشات، وحوارات ثقافية معمّقة تناولت قضايا أدبية ومعرفية معاصرة. ورأى أقرب أن هذه الدورة تميزت بحضور دولي نوعي، وتجديد لافت في الخطاب الثقافي، من خلال استضافة أسماء مؤثرة في المجال الإبداعي من داخل الجزائر وخارجها، بما يعزز صورة الجزائر كفاعل حضاري في المنطقة.
وشكّل حفل الختام مناسبة لتكريم الإبداع الشبابي من خلال الإعلان عن نتائج جائزة “كتابي الأول” التي استقطبت 75 عملاً موزعة على أربع لغات. وأسفرت النتائج عن تتويج رواية «أجنحة التمرد» لأمير صايري كأفضل رواية بالعربية، و«ياف ويذم اتللي» لخديجة بن كرو كأفضل رواية بالأمازيغية، ورواية «À contre-flux» لعبد الكريم الزاوي في فئة اللغة الفرنسية، بينما كانت الجائزة المخصصة للغة الإنجليزية من نصيب «رايس حميدو ملك البحر» للكاتبة سلمى شرقي. كما تم منح جائزة أفضل جناح للمكتبة الوطنية الجزائرية التي تميز جناحها بتصميم فاخر ومحتوى غني يعكس تنوع الإنتاج الثقافي الوطني.
وشهد الحفل أيضاً تكريم ثلة من الشخصيات الثقافية التي أثرت الساحة الأدبية والفكرية الجزائرية، تقديراً لمساراتهم الإبداعية الطويلة. وشملت قائمة المكرّمين الباحث في التراث الشعبي عبد الحميد بورايو، والناقد مخلوف عامر، والشاعرة نادية نواصر، والشاعر عبد الحميد شكيل، والشاعرة حبيبة محمدي، والباحثة كريسان شولي عاشور، إضافة إلى المجاهد والكاتب بشير خلف، الذين مثّلوا بمساراتهم جزءًا أصيلاً من الذاكرة الثقافية الوطنية.
واختتمت فعاليات “سيلا 28” بعرض لقطات مصوّرة وثّقت أبرز اللحظات التي شهدتها أيام الصالون، وسط تصفيق جمهور كبير ودّع الحدث على وعد بالتجدد في طبعات قادمة ستكون أطول وأكثر إشراقًا، في رحلة متواصلة مع الكتاب الذي تسعى الجزائر إلى ترسيخه رفيقًا لكل مواطن وركيزة أساسية في مشروعها الثقافي والحضاري.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر تحذّر في مجلس الأمن.. تجفيف التمويل هو مفتاح هزيمة الإرهاب
قدّمت الجزائر عبر ممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع، رؤية دقيقة ومفصلة …







