‫الرئيسية‬ في الواجهة الأحزاب السياسية في الجزائر: ما دورها في حياة المواطن؟
في الواجهة - مقالات - 8 يونيو، 2024

الأحزاب السياسية في الجزائر: ما دورها في حياة المواطن؟

ائتلاف الأغلبية من أجل الجزائر
في المشهد السياسي الجزائري، تبرز ظاهرة تتعلق بعدم تقديم العديد من الأحزاب السياسية لبرامج انتخابية واضحة ومفصلة، حيث يقتصر دور البعض منها على الاختباء وراء مساندة الرئيس عبد المجيد تبون، رغم أنه لم يعلن بعد عن ترشحه لولاية ثانية. هذه الظاهرة تثير تساؤلات جدية حول جدوى ودور هذه الأحزاب ومدى تأثيرها الفعلي في العملية السياسية، خاصة في ظل انتقادات الرئيس تبون نفسه للممارسات الموروثة من زمن العصابة، وهذا فحوى شعاره الجزائر الجديدة يعني الخروج من ممارسات الماضي في كل المجالات.
افتقار للرؤية السياسية

تعاني العديد من الأحزاب السياسية في الجزائر من نقص واضح في تقديم رؤى وبرامج انتخابية شاملة وحتى متابعة الحياة السياسية واستصدار المواقف غابت عن العمل العادي الروتيني لها. فهي غالباً ما تفتقر إلى رؤى استراتيجية لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تهم البلد والمواطنين. بدلاً من ذلك، تكتفي بالبحث عن دعم الرئيس تبون، متجاهلة أهمية تقديم بدائل وحلول ملموسة للمشاكل التي تواجه البلاد.

الاعتماد على الشعبية الشخصية

بدلاً من البحث عن بناء قاعدتها الشعبية على أسس سياسية وبرامجية، تريد هذه الأحزاب ان توظف لصالحها شعبية الرئيس تبون والاستفادة من جده وكده وعمله لما يقارب 5 سنوات. هذا النهج يعكس ضعفاً في البنية التنظيمية والفكرية لهذه الأحزاب، ويجعلها تعتمد بشكل مفرط على شخصية لها تواجد وشعبية كبيرة في الشارع مثل ما يتمتع به شخصية تبون وهذا سيكفها عناء البحث والعمل والكد في طرح أفكار ورؤى مستقبلية ومستقلة بذاتها.

دعم لا مشروط

رغم أن الرئيس تبون لم يعلن بعد عن نيته الترشح لولاية ثانية، إلا أن العديد من الأحزاب السياسية تعلن عن دعمها الكامل له بل بعضها تجاوزت الحاجز الأخلاقي ورشحت دون خجل الرئيس وكأنه مناضل في صفوفها عوض انتظار اعلان ترشح الرجل ثم مساندة ترشحه أن وجدت بعض التطابق في برنامجه الانتخابي مع اهداف حزبها. هذا الدعم غير المشروط يثير تساؤلات حول مدى قدرة هذه الأحزاب ان تكون مستقلة عن السلطة في اتخاذ مواقفها. يبدو أنها اصبحت تفضل البقاء في الظل، مكتفية بدور المساندة دون تقديم أي بديل للهروب من المواجهة الشعبية.

يعزز هذا السلوك من تآكل التعددية السياسية في الجزائر، حيث يصبح الفضاء السياسي محصوراً بين تأييد الرئيس الحالي أو لا شيء. وهذا يضعف من ديناميكية العملية الديمقراطية ويقلل من الخيارات المتاحة أمام الناخبين، مما سيؤدي إلى شعور بالإحباط وعدم الثقة في العملية الديمقراطية، الازمة التي تعيشها أيضا بلدان أوروبية كثيرة حاليا.

ممارسات موروثة من زمن العصابة

أبدى الرئيس تبون انزعاجه من بعض الممارسات السياسية الموروثة من زمن العصابة، والتي لا تزال تؤثر سلباً على المشهد السياسي في البلاد. من بين هذه الممارسات، الاعتماد على الولاءات الشخصية بدلاً من تقديم برامج انتخابية حقيقية. انتقاد الرئيس لهذه الممارسات يضع الأحزاب في موقف حرج، حيث يتعين عليها التكيف مع توجهاته الجديدة وإظهار قدرتها على تقديم رؤى وبرامج تخدم مصلحة الوطن.

الحاجة إلى التغيير

تؤكد انتقادات الرئيس تبون على ضرورة إحداث تغيير جذري في كيفية عمل الأحزاب السياسية. يجب أن تركز هذه الأحزاب على تطوير برامج انتخابية واضحة وشاملة تعكس تطلعات المواطنين وتقدم حلولاً عملية للمشاكل التي تواجه البلاد، بدلاً من الاعتماد على شخصيات معينة أو ممارسات قديمة.

غياب الكفاءات والخبرات

ولعل أحد الأسباب التي أدت إلى هذه الممارسة الرديئة هو افتقار العديد من الأحزاب إلى الكفاءات والخبرات اللازمة لتطوير برامج انتخابية متكاملة. القادة السياسيون في هذه الأحزاب غالباً ما يفتقرون هم أنفسهم إلى الخبرة في مجالات الإدارة والسياسة العامة، مما ينعكس سلباً على قدرتهم على تقديم رؤى واضحة ومقنعة.

ضعف المشاركة الشعبية

غياب البرامج الانتخابية القوية يؤدي إلى ضعف المشاركة الشعبية في أي انتخابات. لان المواطنون سيشعرون بأن الأحزاب لا تمثل تطلعاتهم ولا تقدم حلولاً لمشاكلهم، مما يعزز من عدم الثقة والإحباط والعزوف عن العملية السياسية ويؤدي إلى تدني نسبة المشاركة الانتخابية.

الأحزاب السياسية في الجزائر بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في استراتيجياتها وأدوارها. بدلاً من الاكتفاء بمساندة الرئيس تبون، يجب على هذه الأحزاب تطوير برامج انتخابية واضحة وشاملة تعكس تطلعات المواطنين وتقدم حلولاً عملية للمشاكل التي تواجه البلاد. انتقادات الرئيس تبون للممارسات الموروثة من زمن العصابة تعكس الحاجة الملحة للتغيير، وعلى الأحزاب أن تتبنى هذا التوجه وتسعى لتقديم رؤى وبرامج تخدم مصلحة الوطن والمواطنين. فقط من خلال هذا النهج يمكن للأحزاب أن تستعيد ثقة الناخبين وتساهم بفعالية في بناء مستقبل أفضل للجزائر.

مراد سيد |مدير جريدة المؤشر

اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

القضاء يطوي صفحة ساركوزي.. أول رئيس فرنسي يدخل السجن يوم 21 أكتوبر

يدخل نيكولا ساركوزي التاريخ من أوسع أبوابه، لا كرجل دولة استثنائي كما أراد لنفسه ذات يوم، …