‫الرئيسية‬ في الواجهة اقتصاد مال واعمال الأمين العام لأوبك يحذر: هل ستكفي المعادن النادرة لتلبية احتياجات الطاقة المتجددة؟
مال واعمال - 8 يوليو، 2024

الأمين العام لأوبك يحذر: هل ستكفي المعادن النادرة لتلبية احتياجات الطاقة المتجددة؟

الأمين العام لأوبك يحذر: هل ستكفي المعادن النادرة لتلبية احتياجات الطاقة المتجددة؟
انتقد الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، هيثم الغيص، الأطروحات التي تقول بأن المعادن النادرة ستوفر للعالم مستقبلاً مصادر الطاقة المتجددة التي يحتاجها العالم، واصفاً إياها بالأطروحات “غير الكاملة”.

أكد الغيص في مقال له نُشر على الموقع الرسمي للمنظمة، أن (أوبك) تؤمن بتعدد مسارات الطاقة المستقبلية للدول والشعوب في جميع أنحاء العالم، منوهًا على أهمية توخي الواقعية من الجميع. شدد على أن مسارات الطاقة المستدامة هي أمر حيوي للشعوب، ويجب أخذ هذه المسألة بعين الاعتبار. وقال الأمين العام إنه لا بد من إدراك التأثيرات الواقعية المترتبة على السيناريوهات والسياسات الرامية إلى تعزيز مصادر الطاقة المتجددة، مضيفًا أن هناك الكثير من العناصر التي تدخل في هذا الأمر وأحد هذه العناصر الرئيسية هو الدور الذي تلعبه المعادن النادرة.

وذكر أن المعادن مثل النحاس والكوبالت والسيليكون، النيكل، الليثيوم، الغرافيت والمعادن النادرة تدعم تطوير مصادر الطاقة المتجددة وصناعة المركبات الكهربائية، مشيرًا إلى أن وكالة الطاقة الدولية ترى في سيناريو تحقيق الحياد الصفري بحلول 2050 أن الطلب على المعادن النادرة سيتضاعف أربع مرات بحلول عام 2040 – وهذه وتيرة نمو لم يسبق لها مثيل في التاريخ.

وأوضح الغيص أن الغرض من تسليط الضوء على هذه المسألة، لا ينبغي أن يفسر بأي حال من الأحوال على أنه انتقاص من الأهمية التي توليها (أوبك) لمصادر الطاقة المتجددة والكهربائية في مستقبل الطاقة، فالدول الأعضاء في منظمة (أوبك)، يتابع، تستثمر بكثافة في مصادر الطاقة المتجددة وفي جميع مراحل سلاسل التوريد الخاصة بها، بل وتشارك أيضًا في تطوير المركبات الكهربائية.

طرح الغيص عدة تساؤلات حول شكل الزيادات في الطلب على المعادن النادرة مستقبلاً، وإذا كان هذا النوع من الزيادات ممكن تلبيته حقًا، وما الآثار المترتبة عليه وما مدى استدامته وما هي أهمية النفط والغاز في زيادة استخدام المعادن النادرة.

وتابع الغيص أنه وبالنظر إلى سيناريو وكالة الطاقة الدولية (الحياد الصفري بحلول عام 2050)، فإنه بحلول عام 2040 سيرتفع الطلب على النحاس بنسبة 50 في المئة وسيتضاعف الطلب على المعادن النادرة، وسيرتفع الطلب على الكوبالت بأكثر من الضعف، وسيقترب الطلب على النيكل إلى ثلاثة أضعاف وسينمو الطلب على الغرافيت أربع مرات تقريبًا، كما سيشهد الليثيوم زيادة في الطلب عليه بمقدار تسعة أضعاف تقريبًا، منوهًا على دوره الهام في صناعة البطاريات.

وأشار الغيص إلى أن هذا سيتطلب اكتشاف العديد من المناجم الجديدة، مذكرًا بما قالته وكالة الطاقة الدولية في عام 2022 حين أفادت بأنه بحلول عام 2030 سيحتاج العالم إلى تشغيل 50 منجمًا جديدًا لليثيوم و60 منجمًا جديدًا للنيكل و17 منجمًا جديدًا للكوبالت.

قال الأمين العام لـ(أوبك) إنه لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن مشاريع سلاسل التوريد الهامة على مدار التاريخ لمثل هذه الأنواع من السلع تتطلب فترات زمنية طويلة لتطويرها، خاصة في الفترة ما بين الاكتشاف وبدء الإنتاج. وهنا طرح الغيص تساؤلًا هامًا آخر، يتعلق بواقعية معدل النمو الاقتصادي وكيف يكون التأثير إذا كان النمو ضعيفًا، والسؤال الأهم ماذا لو أوقف صناع السياسات الاستثمار في مشاريع النفط والغاز الجديدة.

وأوضح الغيص أن تطوير المعادن النادرة يتضمن أنشطة استخراج ومعالجة صعبة، مما يبين صعوبة اعتماد العالم عليها، مشيرًا إلى أن السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح وألواح الطاقة الشمسية والشبكات الكهربائية الحديثة، جميعها تعتمد بشكل كبير على المعادن النادرة.

وأوضح أن السيارة الكهربائية تحتوي على نحو 200 كيلوغرام من المعادن النادرة، وعلى النقيض من ذلك تستخدم السيارة التقليدية فقط 34 كيلوغرام، كما يتطلب إنتاج ميغاواط واحد من الكهرباء من توربينات الرياح البحرية نحو 15 طنًا من المعادن و7 أطنان لإنتاج ميغاواط واحد من الطاقة الشمسية، وأما بالنسبة للغاز الطبيعي فيحتاج إلى ما يفوق قليلاً الطن الواحد.

كما أضاف الغيص أن تعدين المعادن النادرة يعد نشاطًا يستهلك كميات هائلة من الطاقة، وهو نشاط يعتمد حاليًا على الهيدروكربون ولا يوجد أي بديل آخر، منوهًا إلى أن استخدام الفحم والغاز أمرًا ضروريًا لتكرير المعادن من خلال العمليات الحرارية والكيميائية المختلفة، مثلًا في المزج للمساعدة في إزالة المعادن الأخرى، والتسخين إلى درجات حرارة عالية لإنتاج عينات أكثر نقاء وتستخدم المنتجات النفطية أيضًا في الحفارات والجرافات والشاحنات في هذه المواقع، بالإضافة في أشكال النقل المختلفة لنقل المعادن من مراكز العرض إلى مراكز الطلب.

وأحال الغيص إلى مقال له نشره في مستهل الدورة الثامنة لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2023 بعنوان “كوب 28 في الأفق: التركيز على نهج شامل لنظام الطاقة”، والذي سلط فيه الضوء على استحالة إنتاج توربينات الرياح وألواح الطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية دون استخدام منتجات النفط الحيوية، فالصناعة النفطية والطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية ليسوا منفصلين عن بعضهم البعض.

وعن استهلاك الطاقة، قال الغيص إنه يمكن أن تشهد أنشطة التعدين زيادة بأكثر من خمسة أضعاف بحلول منتصف القرن الحالي، ومن المتوقع أن تكون الحاجة إلى بنية تحتية من أجل بناء شبكات كهرباء جديدة، مثل خطوط الكهرباء والمحولات، أحد أهم أسباب ارتفاع الطلب على المعادن خصوصًا النحاس. ففي سيناريو الحياد الصفري الذي أصدرته نشرة BloombergNEF، ترى النشرة أن شبكات الكهرباء ستمتد لحوالي 152 مليون كيلومتر أي ما يعادل تقريبًا مسافة الوصول إلى الشمس.

وأمام هذه المعطيات طرح الغيص عددًا من التساؤلات الهامة: هل من الواقعي الاعتقاد أن مصادر الطاقة المتجددة وحدها سيمكنها أن تلبي الزيادة المتوقعة في قطاع الكهرباء لا سيما أن العالم استثمر أكثر من 9.5 تريليون دولار في التحول الطاقي على مدى العقدين الماضيين، ومع ذلك لا تزال طاقة الرياح والطاقة الشمسية توفران أقل من 4 في المئة فقط من إجمالي الطاقة حول العالم في الوقت الذي يصل فيه انتشار السيارات الكهربائية حول العالم ما بين نسبة 2 إلى 3 في المئة فقط. وهنا ذكر الغيص أن بلومبرغ في تقريرها الجديد “آفاق الطاقة الجديدة” أشارت إلى أن سيناريو الحياد الصفري سيكلف 250 تريليون دولار بحلول عام 2050.

فلذا نرى، حسب ذات المسؤول، أن العديد من صناع السياسات أخذوا في الانتباه إلى المتطلبات الهائلة للمعادن في سيناريوهات الحياد الصفري، حيث بدأوا بطرح العديد من الأسئلة حول مدى سهولة زيادة إنتاج المعادن النادرة بالشكل المطلوب والمستدام، حيث إن نسبة زيادة الاستثمارات العالمية لعام 2023 انخفضت عما كانت عليه في سنة 2022.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

مُخيم رواد الأعمال الشباب بتيبازة قريبًا

ينظم المجلس الأعلى للشباب من خلال لجنة التشغيل والمقاولاتية والابتكار واقتصاد المعرفة، مخي…