‫الرئيسية‬ في الواجهة رأي مقالات البلادة في خدمة الدعاية الصهيونية
مقالات - 7 ديسمبر، 2024

البلادة في خدمة الدعاية الصهيونية

البلادة في خدمة الدعاية الصهيونية
يعرض خطيب أحد المساجد وأستاذ جامعي أفكاره بأسلوب صاخب ومهيج يعكس نقصًا واضحًا في الحجج والثقافة، بما في ذلك الثقافة الدينية. هذا الأسلوب لا يعكس فقط عدم اللائقية، بل يساهم في خلق أجيال من الشباب غير القادرين على التفكير النقدي.

في حديثه، أعاد هذا الأستاذ الجامعي تكرار تصريح أدلى به سابقًا على قناة تلفزيونية خاصة، يزعم فيه أن الجزائر تحتضن قبر يوشع بن نون في الغرب الجزائري. للأسف، قدم هذا الزعم بطريقة صاخبة كأنه إنجاز عظيم، بينما هو في الواقع يروج لأحد أخطر أشكال الدعاية الصهيونية التي تهدد أمن الجزائر.

يوشع بن نون ليس صحابيًا كما يدعي هذا الأستاذ. صفة الصحابي تُطلق فقط على الذين عاصروا النبي محمد صلى الله عليه وسلم واتبعوا تعاليمه. أما يوشع بن نون، فهو شخصية توراتية يهودية تعود إلى زمن سابق بقرون لظهور الإسلام.

الروايات التاريخية تشير إلى أن يوشع بن نون مدفون في مدينة أريحا بفلسطين، وليس في الجزائر. إذا كان هناك مزار أو ضريح يحمل اسمه في الجزائر، فمن المحتمل أنه تقليد ثقافي أو تأسيس رمزي من قبل مجموعة كانت تتبرك به. كان الأجدر بهذا الأستاذ أن يتحرى الدقة قبل ترويج هذه المزاعم من على منبر الجمعة.

في السياق التوراتي، يُذكر أن يوشع بن نون قاد بني إسرائيل بعد وفاة النبي موسى عليه السلام، وكان مسؤولاً عن حملة عسكرية لإبادة كل ما واجهه من كائنات حية في فلسطين. هذه الشخصية، التي تحمل رمزية كبيرة للصهيونية، لا تستحق التبجيل من منطلق إسلامي، ولا يمكن وصفها بأي حال من الأحوال بأنها “صحابي”.

الأمر الأكثر خطورة هو أن هذا الأستاذ الإمام يمنح يوشع بن نون صفة القداسة، مما يجعله يبدو مقبولًا لدى المسلمين الجزائريين. هذا النهج يشكل تهديدًا سياسيًا ودينيًا لأنه يُستخدم كذريعة دعائية لتبرير وجود الصهاينة في المنطقة.

نشهد مؤخراً تحول بعض الأئمة والأساتذة إلى أبواق دعائية تخدم الصهيونية، سواء عن جهل أو عن قصد. البعض يتحدث بسذاجة وعفوية، بينما قد يكون البعض الآخر متورطًا بوعي في هذه الدعاية الخطيرة. الصهاينة يبحثون عن مثل هذه المواقف لتسويق ادعاءاتهم التاريخية وتعزيز وجودهم في المنطقة.

إذا كان هناك ضريح يحمل اسم يوشع بن نون في الجزائر، فهذا لا يعني بأي حال أنه دفن هناك. قبره الحقيقي معروف، وهو في فلسطين. لذا، يجب على الأستاذ الجامعي والخطيب مراجعة معلوماته التاريخية والدينية قبل الحديث على الملأ.

هذه ليست مسألة نقاش بسيط، بل تتعلق بأمن الجزائر الفكري والسياسي. أي ترويج لمثل هذه الأفكار، سواء بسذاجة أو عن عمد، يُعد تهديدًا حقيقيًا يجب التصدي له بكل حزم.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…