الجزائر تنتزع صدارة مورّدي الغاز إلى إسبانيا

الجزائر تنتزع صدارة مورّدي الغاز إلى إسبانيا وتزيح الولايات المتحدة في سباق الطاقة الأوروبية

استعادت الجزائر مكانتها الريادية في سوق الغاز الإسبانية خلال شهر سبتمبر 2025، بعد أن انتزعت مجددًا صدارة مورّدي الغاز إلى إسبانيا من الولايات المتحدة، التي تراجعت إلى المرتبة الثانية للمرة الأولى منذ شهرين متتاليين، وفقًا لما نقلته منصة الطاقة المتخصصة (ومقرها واشنطن).

وأظهرت البيانات أن واردات إسبانيا من الغاز الطبيعي والمسال بلغت في سبتمبر الماضي نحو 27.56 تيراواط/ساعة، مقارنة بـ27.75 تيراواط/ساعة في أغسطس/آب، أي بانخفاض طفيف على أساس شهري، لكنها ارتفعت بنسبة 6% على أساس سنوي، بعد أن سجلت 25.89 تيراواط/ساعة في سبتمبر 2024.

ووفق المعطيات ذاتها، تمكنت الجزائر من استعادة موقعها كأكبر مورّد للغاز إلى إسبانيا بنسبة 37.2% من إجمالي الواردات، بإجمالي كميات بلغت 10.24 تيراواط/ساعة من الغاز الطبيعي والمسال، لتتفوق على الولايات المتحدة التي اكتفت بـ7.45 تيراواط/ساعة بنسبة 27%. ويُعد هذا التقدم الجزائري تأكيدًا جديدًا على متانة العلاقات الطاقوية بين الجزائر ومدريد، وعلى أهمية خطوط الأنابيب التي تربط البلدين في تأمين إمدادات مستقرة للسوق الإسبانية.

وجاءت نيجيريا في المرتبة الثالثة بنسبة 11% بإجمالي 3.021 تيراواط/ساعة من الغاز المسال، تلتها أنغولا في المرتبة الرابعة بنسبة 7.8% بإجمالي 2.142 تيراواط/ساعة، بينما تراجعت روسيا إلى المركز الخامس بنسبة 4.1% فقط بإجمالي 1.128 تيراواط/ساعة، وهو تراجع كبير مقارنة بمستويات التصدير في العام الماضي. أما فرنسا فاحتلت المرتبة السادسة بنسبة 4%، بإجمالي 1.106 تيراواط/ساعة من الغاز الطبيعي دون أي شحنات من الغاز المسال.

ولأول مرة خلال عام 2025، ظهرت مصر مجددًا ضمن قائمة مورّدي الغاز إلى إسبانيا بعد توقف دام أكثر من عام، إذ احتلت المرتبة السابعة بنسبة 3.7% بإجمالي 1.034 تيراواط/ساعة من الغاز المسال، وهي شحنة نادرة تعكس تحسنًا نسبيًا في قدرات القاهرة التصديرية بعد فترة ركود فرضتها زيادة الطلب المحلي وتراجع الإنتاج. كما سجلت ترينيداد وتوباغو والبرتغال حضورًا محدودًا في المراتب اللاحقة، بينما غابت كل من قطر وبيرو والنرويج والكونغو والكاميرون عن قائمة المورّدين خلال سبتمبر الماضي.

وخلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، بلغ إجمالي واردات الغاز الإسبانية نحو 275.94 تيراواط/ساعة، بارتفاع قدره 7.3% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وشكّل الغاز الطبيعي منها 33.03% بإجمالي 91.15 تيراواط/ساعة، في حين بلغت حصة الغاز المسال 66.97% بإجمالي 184.79 تيراواط/ساعة. واحتلت الجزائر المركز الأول بنسبة 33.4% بإجمالي 92.11 تيراواط/ساعة، تلتها الولايات المتحدة بنسبة 30.7%، ثم روسيا بنسبة 11.5%.

وبيّنت بيانات شركة “إيناغاز” (Enagás) المشغّلة لشبكة الغاز الإسبانية أن مخزونات الغاز في البلاد تراجعت بنسبة 13.5% على أساس سنوي، إذ بلغت نسبة الامتلاء 87% فقط في سبتمبر، مقارنة بـ100% في الشهر نفسه من العام الماضي. ويرى محلّلون أن هذا التراجع يعكس بداية استهلاك المخزون الاستراتيجي استعدادًا لفصل الشتاء، في وقت تشهد فيه أوروبا ضغوطًا متزايدة على إمدادات الطاقة.

ويؤكد مراقبون أن استعادة الجزائر للصدارة تمثل تحوّلًا استراتيجيًا في خريطة الطاقة الأوروبية، خصوصًا مع تصاعد التحديات الجيوسياسية التي تعيق الإمدادات الروسية، وارتفاع تكاليف الغاز الأميركي في ظل تقلبات السوق العالمية. ويضيف خبراء الطاقة أن الجزائر استطاعت، بفضل موقعها الجغرافي القريب من أوروبا واستقرار بنيتها التحتية، أن تفرض نفسها مجددًا كأحد أبرز مزوّدي الغاز الموثوقين في حوض المتوسط.

كما يرى متابعون أن دخول مصر مجددًا إلى السوق الإسبانية – ولو بشحنة واحدة – قد يكون مؤشرًا على عودة تدريجية لصادرات الغاز المصري إلى الأسواق الأوروبية، خاصة إذا ما واصلت القاهرة تعزيز إنتاجها من حقول البحر المتوسط.

وبذلك، تؤكد البيانات أن الجزائر لا تزال أحد أهم مصادر الطاقة الحيوية لإسبانيا، وأنها تمسك بمفتاح التوازن في أمن الطاقة الأوروبي جنوب المتوسط. وفي ظلّ استمرار التقلّبات العالمية، يُتوقع أن تعزز الجزائر حضورها أكثر خلال الأشهر المقبلة، مدفوعة باستقرار إنتاجها وتزايد الطلب الأوروبي على الغاز الأنبوبي الأقل كلفة والأكثر استدامة.