القنصل الجزائري في لندن يزور “بطل القطار” للاطمئنان على حالته الصحية
يتابع القنصل العام للجزائر في لندن باهتمام بالغ الحالة الصحية للمواطن الجزائري سمير زيتوني، الذي تحوّل إلى رمز للشجاعة بعد أن خاطر بحياته لإنقاذ ركاب قطار في إنجلترا من اعتداء دموي بسكين، في حادثة أثارت صدى واسعاً في الأوساط البريطانية، وامتزجت فيها المأساة بالفخر الوطني.
تعود تفاصيل الحادثة إلى يوم السبت الأول من نوفمبر 2025، حين كان سمير زيتوني، البالغ من العمر 48 عاماً والمقيم في جنوب شرق العاصمة البريطانية لندن، على متن قطار تابع لشركة LNER في رحلة بين مدينتي دونكاستر وكينغز كروس. وبينما كان الركاب منشغلين بهواتفهم أو ينعمون بالهدوء في المقصورة، باغت أحدهم الجميع حين أخرج سكيناً وبدأ يهاجم الركاب بشكل هستيري. في تلك اللحظات الفاصلة، لم يتردد سمير، العامل في مصلحة السكك الحديدية البريطانية ومن أصول جزائرية، في التدخل بشجاعة نادرة لوقف المهاجم ومنعه من مواصلة اعتدائه، رغم أنه كان يعلم أنه يواجه الموت.
ووفقاً لما نقلته الشرطة البريطانية ووسائل الإعلام المحلية، فقد تمكن زيتوني من السيطرة على المعتدي لفترة وجيزة، مما أتاح للركاب الآخرين الهرب من المقصورة وطلب النجدة. غير أن المهاجم وجّه له طعنات خطيرة في الصدر والكتف، نُقل على إثرها في حالة حرجة إلى مستشفى هنتينغدون لتلقي العلاج. وقد وصفت الشرطة تصرفه بأنه “عمل بطولي بكل المقاييس، أنقذ حياة عدد من الركاب دون شك”.
الواقعة جعلت من سمير زيتوني بطلاً في بريطانيا خلال ساعات. تصدّرت صوره عناوين الصحف البريطانية، وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي قصته التي وُصفت بأنها «ملحمة إنسانية». غير أن اللافت، كما لاحظ العديد من المتابعين، أن معظم وسائل الإعلام البريطانية تجاهلت الإشارة إلى أصوله الجزائرية، في وقت امتلأت فيه المنصات الجزائرية والعربية برسائل التضامن والفخر بهذا المواطن الذي جسّد في لحظة مأساوية أسمى معاني الشجاعة والإيثار.
وبينما يخضع زيتوني للعلاج في قسم العناية المركزة بمستشفى أدينبروك في مدينة كامبريدج، قام القنصل العام للجزائر في لندن، برفقة الوزير المستشار بسفارة الجزائر، بزيارته يوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 للاطمئنان على حالته الصحية ومتابعة وضعه عن قرب. وأصدر القنصل العام بياناً في اليوم الموالي، الأربعاء 12 نوفمبر، أكد فيه أن هذه الزيارة جاءت “في إطار المتابعة المستمرة من قبل السفارة الجزائرية والقنصلية العامة في لندن لحالة المواطن سمير زيتوني، ضحية الاعتداء بالسكين داخل القطار يوم 1 نوفمبر”.
وأوضح البيان أن القنصل ومرافقيه تمكّنوا من لقاء المواطن الجزائري لبضع دقائق داخل غرفته، حيث أشار إلى أنه تعرف عليهم ووجّه إليهم ابتسامة خفيفة رغم علامات التعب وصعوبة النطق، في إشارة إلى تحسن حالته النفسية واستعادته للوعي. ونقل البيان عن أحد الأطباء المشرفين على علاجه قوله إن “حالة المريض تسير في منحى إيجابي، وإنه يستعيد عافيته تدريجياً تحت مراقبة طبية دائمة”. كما أكد الفريق الطبي أن المريض يتلقى الرعاية في أفضل الظروف، مع استخدام أحدث الأجهزة والتقنيات الطبية لضمان متابعة دقيقة لحالته الحيوية.
وبحسب إدارة المستشفى، فإن الزيارات إلى سمير زيتوني محدودة حالياً بأفراد أسرته المقربين فقط، وعلى رأسهم زوجته، وذلك التزاماً بالقوانين البريطانية الخاصة بالزيارات في المستشفيات وإجراءات السلامة الصحية. وتواصل السفارة الجزائرية والقنصلية العامة متابعة حالته بشكل يومي، بالتنسيق المباشر مع عائلته ومع السلطات الصحية البريطانية، مع تأكيدها أنها «لن تدخر جهداً في تقديم كل أشكال الدعم المعنوي واللوجستي اللازم له ولأسرته حتى يتماثل للشفاء الكامل».
وقد لاقت زيارة القنصل الجزائري صدى إيجابياً واسعاً في أوساط الجالية الجزائرية بالمملكة المتحدة، التي ثمّنت سرعة تفاعل السلطات الجزائرية مع هذه القضية الإنسانية. وعبّر عدد من أبناء الجالية عن فخرهم العميق بموقف سمير زيتوني، معتبرين أن ما فعله يُجسد القيم الأصيلة التي تربّى عليها الجزائريون في الداخل والخارج، من شجاعة وتضامن وإنكار للذات في سبيل الآخرين.
إنّ قصة سمير زيتوني، التي بدأت بعمل بطولي فردي، تحولت إلى رمز إنساني يعكس صورة الجزائري الحقيقي في المهجر، شجاع، متضامن، وصاحب مروءة، لا يتردد في مواجهة الخطر حين يتعلق الأمر بحماية الأرواح. وفي الوقت الذي تتابع فيه السلطات الجزائرية تطورات حالته عن قرب، يأمل الجزائريون أن تكون هذه الحادثة فرصة لتذكير العالم بأن أبناء الجزائر، أينما وجدوا، يظلون أوفياء لقيمهم الأصيلة التي تتجاوز الحدود والجنسيات.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
“ريفولوشن”.. نقلة نوعية في خدمات الاتصالات بفضل موبيليس
أطلقت موبيليس رسميًا الجيل الجديد من عروضها تحت تسمية “ريفولوشن”، في خطوة تؤكد…






