“الكان” تُدار من خلف الستار وبطولة على مقاس المخزن
تحول كأس إفريقيا للأمم، في طبعتها المقامة بالمروك، إلى ما يشبه المهزلة المفتوحة على كل أشكال العبث، في ظل صمت مريب من رئيس الكاف باتريس موتسيبي، الذي يبدو وكأنه يتفرج على سلسلة من الفضائح دون أن يحرك ساكنًا. فضائح تبدأ من التحكيم المثير للجدل في مباريات الفريق المروكي، ولا تنتهي عند سوء التنظيم وغياب أبسط شروط النزاهة، خاصة ما تعلق بأزمة التذاكر التي مست بعض المنتخبات، وعلى رأسها المنتخب الوطني الجزائري، حيث عجز المشجعون عن العثور على تذاكر الدخول حتى في السوق السوداء.
موتسيبي، رئيس الكاف، يظهر في صورة الأصم الأبكم، لا يرى ولا يسمع ما يحدث أمام أعين العالم. حكام مباريات الفريق المروكي يمنحون ضربات جزاء بسخاء غير مفهوم، ويحرمون المنافسين منها حتى في حالات واضحة داخل منطقة الجزاء، موثقة بالصورة والصوت، ومنقولة عبر شاشات عالمية. ورغم وجود تقنية الفيديو، ورغم حضور ممثلي الفيفا والكاف، فإن القرارات التحكيمية تسير في اتجاه واحد، ما يطرح تساؤلات مشروعة حول نزاهة المنافسة.
اللافت أن موجة التنديد لم تعد مقتصرة على جماهير الفرق المتضررة، بل امتدت هذه المرة إلى بعض المتابعين المراركة أنفسهم، الذين عبّروا علنًا عن رفضهم لفوز فريقهم عبر ما وصفوه بالتحايل واستعمال نفوذ المخزن وشراء ذمم بعض الحكام. ويزداد الجدل تعقيدًا حين نعلم أن رئيس لجنة التحكيم بالكاف مروكي، ومن المقربين من فوزي لقجع، رئيس الجامعة المروكية لكرة القدم، الذي سبق له أن صرّح علنًا في برلمان المملكة بمواقف عدائية تجاه الجزائر.
أمام هذا الوضع، يطرح سؤال جدي، إلى متى يستمر هذا التعامل الفج مع خصوم الفريق المروكي، سواء كانوا فعليين أو محتملين؟ وإذا استمرت هذه الممارسات، فإن باقي المنتخبات مطالبة، أخلاقيًا ورياضيا، باتخاذ مواقف شجاعة، بما في ذلك التفكير في الانسحاب الجماعي من البطولة، وترك “الكان” تتحول إلى فضيحة تاريخية يتحمل مسؤوليتها فوزي لقجع والمخزن المروكي وحدهما.
تنظيم الكاف، في هذه الطبعة، يبدو وكأنه أصبح لعبة في يد لقجع، سواء من حيث تعيين الحكام، أو السيطرة غير المباشرة على قراراتهم، أو حتى من خلال التنظيم الكارثي الذي فتح الباب أمام السمسرة في التذاكر. ويذهب بعض المتابعين إلى تشبيه ما يحدث اليوم بسيناريوهات سابقة استُعملت فيها كرة القدم لأغراض سياسية، في مسعى واضح لتوظيف الحدث الرياضي في الداخل المروكي، خاصة مع ترديد شعارات سياسية داخل الملاعب، من قبيل “يعيش الملك”، والتي فُسرت على أنها موجهة لولي العهد تحديدًا، لا للملك الأب.
المؤشرات الحالية لا تبعث على الاطمئنان، خصوصًا بعد مشاهد اعتداء لاعبين مراركة على لاعبين ماليين داخل منطقة الجزاء دون أي رد فعل تحكيمي، لا طرد ولا ضربة جزاء، ما يوحي بأن هؤلاء اللاعبين تلقوا ضمانات مسبقة بعدم التعرض للعقاب، وأن لهم ضوءًا أخضر للعبث بالمنافسين دون خوف. هذا السلوك لا يمكن تفسيره إلا في إطار غياب الردع، وتغوّل السياسة على الرياضة.
في ظل هذا المشهد، يلتزم كل من رئيس الكاف ورئيس الفاف صمتًا مقلقًا، دون تدخل حقيقي لوضع حد لهذا التدهور الخطير في لعبة كرة القدم الإفريقية، التي يجري تدجينها لخدمة أجندات سياسية واضحة رسمها المخزن المروكي وأعوانه. والمنتخب الجزائري، كما يبدو، ضمن قائمة المستهدفين من طرف من صرّح علنًا باعتبار الجزائر “بلدًا عدوًا” للمروك، في سابقة خطيرة شهدها برلمان المملكة أمام مرأى ومسمع العالم.
اللافت أن حجم التزوير والانحراف هذه المرة أثار غضب شريحة واسعة من المتابعين المراركة أنفسهم، الذين خرجوا عن صمتهم وعبّروا، على غير العادة، عن استيائهم مما يحدث، محذرين من كارثة كروية تُحضَّر فصولها في كازابلانكا، وقد تلطخ سمعة الكرة الإفريقية لسنوات طويلة قادمة.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
قضية “إيميتال”.. أحكام بالسجن تصل إلى 15 سنة ضد مسؤولين سابقين ومتعاملين وبراءة 7 متهمين
أصدر القطب الجزائي الاقتصادي والمالي لدى محكمة سيدي أمحمد، اليوم الاثنين، أحكامه في واحدة …






