‫الرئيسية‬ الأولى اللوكو.. رواية موهوب رفيق الجديدة تكشف الوجه المجهول لعلي خوجة داي الجزائر
الأولى - فنون وثقافة - ‫‫‫‏‫يوم واحد مضت‬

اللوكو.. رواية موهوب رفيق الجديدة تكشف الوجه المجهول لعلي خوجة داي الجزائر

اللوكو.. رواية موهوب رفيق الجديدة تكشف الوجه المجهول لعلي خوجة داي الجزائر
صدرت عن دار فهرنهايت للنشر والتوزيع بالجلفة رواية جديدة للكاتب والإعلامي موهوب رفيق بعنوان اللوكو، وهي عمل روائي يغوص في عمق التاريخ الجزائري خلال العهد العثماني، من خلال استعادة سيرة أحد أكثر الدايات إثارة للجدل في تاريخ الجزائر، وهو علي خوجة، المعروف بلقبه اللوكو الذي يعني بالإسبانية المجنون.

الرواية، التي تأتي في سياق اهتمام الكاتب بالتاريخ العثماني في الجزائر، تعيد إحياء شخصية علي خوجة في قالب سردي يمزج بين الدقة التاريخية والإبداع الروائي، مقدّمة قراءة إنسانية وسياسية جديدة لمرحلة كانت حافلة بالدسائس والمؤامرات والتحولات التي سبقت الاحتلال الفرنسي.

وقال الكاتب موهوب رفيق في تصريح بالمناسبة إن فكرة الرواية انطلقت من قناعته بأن شخصية علي خوجة تستحق أن تُروى أدبيًا، لما تحمله من تناقضات وعلامات فارقة في التاريخ السياسي للجزائر. وأضاف أن الداي علي خوجة كان رجل دولة واسع الثقافة ودبلوماسيًا بارعًا، التقى خلال حياته شخصيات بارزة مثل محمد علي باشا حاكم مصر، كما قام بعدة رحلات إلى أنقرة، ما جعله من الشخصيات النادرة التي جمعت بين القوة العسكرية والحنكة السياسية.

وتتناول الرواية مسار علي خوجة منذ صعوده إلى الحكم، بعد سلسلة من المؤامرات والدسائس السياسية التي حاكها بدهاء بالتعاون مع خصومه وحلفائه على حد سواء، وصولًا إلى فترة حكمه التي امتازت بتغييرات جوهرية في بنية السلطة داخل الإيالة الجزائرية. فقد استطاع، كما يوضح الكاتب، تحقيق ما عجز عنه الدايات السابقون، إذ أزاح النفوذ التركي التقليدي وفتح الباب أمام الجزائريين للمشاركة في إدارة شؤون البلاد، كما أطلق إصلاحات سياسية وإدارية أسهمت في إعادة بناء مؤسسات الدولة وتعزيز سلطتها الداخلية.

وتُظهر الرواية أن فترة حكم علي خوجة شهدت انتعاشًا اقتصاديًا وتجاريًا ملحوظًا بفضل سياساته الإصلاحية في المجال المالي، إذ يُعتبر أول من وضع نظامًا ماليًا منظمًا، وأعلن حربًا على الفساد الأخلاقي والإداري، في محاولة لإرساء نموذج جديد للحكم في الجزائر العثمانية.

وفي قالب روائي متماسك، يتابع موهوب رفيق يوميات الجزائريين في ميناء القصبة، مركز الحياة السياسية والاقتصادية آنذاك، ويرصد تفاصيل الحروب التي عصفت بالمدينة، خاصة القصف الإنجليزي للقصبة الذي دمّر معظم أحيائها وأحالها إلى أنقاض. غير أن الكاتب يُبرز من خلال شخصياته الروائية قدرة الجزائريين على النهوض من تحت الركام وإعادة بناء مدينتهم في ظرف عام واحد فقط، في مشهد يختزل روح المقاومة والإصرار التي وسمت الشعب الجزائري عبر تاريخه.

وتكشف الرواية، في مقاطع مؤثرة، سرّ لقب اللوكو الذي أُطلق على علي خوجة من طرف بعض القناصل الأوروبيين، الذين رأوا فيه رجلًا غريب الأطوار، صارمًا، سريع الانفعال، لكنه شديد الذكاء والدهاء السياسي. فقد كان يسير في موكب مهيب يضم مئتي حارس شخصي، ونقل كنوز الجزائر من القصبة السفلى إلى العليا على ظهر 400 بغل، كما تُشير الرواية إلى أنه أعدم نحو 1500 شخص في يوم واحد من معارضيه، في واقعة تعكس قسوته وحزمه في آن واحد.

ويؤكد الكاتب موهوب رفيق أنه يسعى من خلال هذا العمل إلى تقديم قراءة متوازنة للتاريخ العثماني في الجزائر، بعيدة عن الطرحين المتناقضين بين من يُمجّد العثمانيين بلا حدود، ومن يُشيطنهم بلا إنصاف. ويقول في هذا الصدد: “أفضّل أن أكتب في التاريخ من موقع الحياد العاقل، لا المبالغة في الإدانة ولا في التقديس، لأن التاريخ ملكٌ للحقيقة وحدها”.

الرواية تمثّل العمل الثالث للكاتب في مشروعه الأدبي حول التاريخ العثماني في الجزائر، بعد روايتيه منام ميت واللوكو، لتكرّس أسلوبه الخاص في إحياء التاريخ عبر الأدب، بأسلوب يجمع بين دقّة المؤرخ وحسّ الروائي، وبين الواقعية التاريخية والسرد الإبداعي الذي يلامس الإنسان في صراعه مع السلطة والقدر والتاريخ.

وباللوكو، يُقدّم موهوب رفيق عملًا روائيًا يعيد الاعتبار إلى مرحلة حسّاسة من التاريخ الجزائري، ويمنح القارئ فرصة لاكتشاف وجهٍ آخر من وجوه الدايات العثمانيين، بعيدًا عن الصورة النمطية السائدة، في رواية تُزاوج بين التوثيق والتخييل، وبين عبق الماضي وأسئلة الحاضر.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!

تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…