المرأة الجزائرية أثارت اهتمام النخب المثقفة الغربية
حسب قراءة الناقد العراقي حسين علي غالب، فإن عائشة بنور تُخلد المآثر الثورية والعلمية للمرأة الجزائرية، التي أثارت اهتمام النخب المثقفة الغربية.
يصدر قريباً طبعة جديدة من كتاب “المرأة الجزائرية في الثورة التحررية – حقائق وشهادات-” عن دار “ومضة للنشر”. يُقدم الكتاب صورًا مدهشة عن نساء جزائريات كان لهن دور محوري في الكفاح العسكري أو القومي للجزائر، مثل الملكة تيهينان الفيلالية، ملكة قبائل الطوارق، المعروفة بالحكمة والدهاء. كتب الناقد العراقي حسين علي غالب (المقيم في بريطانيا) قراءة مستفيضة للكتاب، عرض فيها محتوياته مع بعض الشرح. جاء في قراءته أن الكتاب “يتناول سيرة الملكة تيهيا أو الكاهنة، فارسة البربر، وهي ملكة من قبيلة جراوة في جبال الأوراس في الجنوب الشرقي للجزائر، وكنزة الأوربية ابنة زعيم قبيلة أوربة الأمازيغية التي تزوجت من إدريس الأول العلوي، وقد لعبت دورا هاما في إرساء قواعد الدولة الإدريسية خاصة بعد وفاة زوجها إدريس الأول”. ومن النساء المذكورات، حسب القراءة النقدية للدكتور غالب: الأميرة زينب تانفزاويت من قبيلة هوارة الأمازيغية، كانت أرملة أمير أغمات وتزوجت الأمير أبو بكر اللمتوني، ولعبت دورا بارزا وحاسما في مسرح الأحداث السياسية للدولة المرابطية. وكذلك الأميرة أم هاني شيخة العرب ابنة باي قسنطينة رجب 1666م -1672م، وزوجة شيخ العرب أحمد بن السخري بوعكاز صاحب ثورة 1637م، والتي حكمت في نفس الفترة من القرن الثامن عشر معظم الصحراء الشرقية للجزائر لأزيد من نصف قرن منذ حوالي سنة 1724م. وأيضا الداية بنت محمد بن قانة زوجة الباي عبد الله (1804ـ 1807م/ بايلك قسنطينة)، وسحابة الرحمانية أم عبد المالك السعدي، وعلجية بنت بوعزيز ابنة شيخ قبيلة النمامشة وزعيم الحدود الشرقية لبايلك قسنطينة. في مجال العلم والمعرفة، أشار الدكتور غالب إلى أن الكتاب تضمن “حقائق عن نساء جزائريات كان لهن الدور الكبير في نشر العلم والمعرفة في حقل التربية والتعليم والإصلاح، مثل – لالا زينب القاسمي التي تولت شؤون الزاوية (زاوية الهامل)، والسيدة المتعلمة ذهبية بنت محمد بن يحيى أحد شيوخ زاوية “اليليلولي”، وكذلك زوجة الشيخ عاشور الخنقي باية بنت أحمد حسان، عائشة بنت عمارة بن يحيى بن عمارة الشريف الحسني، وعادلة بيهم الجزائري زوجة مختار بن محمد بن الأمير عبد القادر الجزائري التي أسست مدرسة دوحة الأدب الخاصة بالإناث وكانت بينها وبين الشيخ عبد الحميد بن باديس مراسلات لتعليم فتيات جزائريات. كما يتحدث المخطوط عن نشاط تلميذات ومعلمات جمعية العلماء المسلمين أمثال زهور ونيسي، زبيدة قدور زوجة المناضل سليمان عميرات، أمينة سعدون شريف، وخديجة لصفر خيار، خديجة ختير، وآمنة زعنان وفتحية زموشي”. وفي مجال الثورة، يضيف الدكتور غالب، “يرصد الكتاب حياة أكبر عدد ممكن من المناضلات والمجاهدات اللواتي كان لهن بصمات هامة في مسيرة المقاومة الجزائرية أمثال: فاطمة نسومر، وخلال ثورة التحرير: حسيبة بن بوعلي، مليكة قايد، مريم بوعتورة، فضيلة سعدان، وسيدة شرشال يمينة أوداي (لازليخة)، وصليحة ولد قابلي، سامية لخضاري، جميلة بوحيرد، جميلة بوباشا، جميلة بوعزة، زهرة ظريف، لويزة أغيل أحريز، خيرة قرن، زهور زيراري، سليمة الحفاف زوجة بن يوسف بن خدة، باية الكحلة، مامينة شنتوف، نفيسة حمود، جانين بلخوجة، زليخة بقدور، مريم بلميهوب زوجة زرداني، ليلى موساوي، نسيمة حبلال السكرتيرة الشخصية للبطل عبان رمضان، بالإضافة إلى دور المرأة في حياة الأمير عبد القادر”. يصور الكتاب وحشية الاستعمار الفرنسي في استخدام وسائل العنف الوحشية ضد المرأة الجزائرية، ويعرّف بصدّيقات الجزائر ومواقفهن الباهرة أمثال المناضلات آني ستينر، جاكلين نيتر قروج، المجاهدة “إيليات لو” أو فاطمة الزهراء، إيفلين لافاليت، جاكلين أورانغو، ريموند بيتشارد. يتطرق الكتاب أيضا إلى المرأة الجزائرية في كتابات الرحالة الذين كتبوا عنها وعن لباسها وعاداتها، مثل يوجين دوماس، والرحالة الإنجليزي الدكتور شو الذي زار الجزائر بين 1720 و1732م، والفرنسيين مثل بيسون الذي أقام بالشرق الجزائري بين 1724 و1725م، ودو باراد الذي زار الجزائر سنة 1789م، وغيرهم ممن انبهروا بقوة وشجاعة المرأة الجزائرية خاصة الريفية. كذلك تركت زيارات كبار الكتاب والأدباء أثراً كبيراً في نفوسهم وفي كتاباتهم، مثل فرومنتان، وغوتي، وقونكور، وفلوبير، ودوديي، وبول بوردو، وموباسان، جان لوران، ألفونس دودي، غي دو موباسان، والرحالة بول أودال، وميخائيل سيرفانتس الإسباني في رواية دون كيشوت، الذين أعجبوا بالمرأة الجزائرية، وتناولوا في كتاباتهم انطباعاتهم عن حياتها وملابسها وعاداتها وتقاليدها، مما شكّل تراثا أدبيا كبيرا ومميزا كان للمرأة الجزائرية فيه نصيب كبير. يؤكد الناقد في نهاية الكتاب أن الكتاب يتحدث عن نضال المرأة الجزائرية في الأدب العربي، وما جادت به قرائح الشعراء أثناء القبض على جميلات الجزائر ومحاكمتهن وقرار إعدامهن من طرف المحاكم العسكرية الفرنسية. على سبيل المثال، كتب عن المجاهدة جميلة بوحيرد ما يقرب من 450 قصيدة من قبل 171 شاعراً عربياً، مثل نزار قباني، صلاح عبد الصبور، عبد المعطي حجازي، بدر شاكر السياب، والجواهري، وعشرات آخرين، حتى تحوّلت إلى أسطورة تاريخية. بالإضافة إلى أقوال وشهادات لمجاهدات على قيد الحياة، وكذلك أشعار كتبت في السجون مثل أشعار باية حسين. كما يتضمن المخطوط قوائم بأسماء فدائيات وبعض مناضلات المناطق، ورسائل شهداء كتبت في السجون أمثال رسالة الشهيد زبانا إلى أمه. في الختام، يُلخص الكتاب بالشهادات الحية والوثائق نضال المرأة الجزائرية الرافضة للاستعمار الفرنسي، ويقول الدكتور غالب أن هذا النضال كان حافزاً ورؤى متجددة في مسار الثورة الجزائرية ونموذجاً للمجتمعات المتطلعة نحو المستقبل.اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
“يسطرون” المصرية تصدر عملاً قصصيًا جزائريًا للكاتب زين الدين مرزوقي
أعلنت دار النشر المصرية “يسطرون للنشر” عن إصدار مجموعة قصصية جزائرية في فن الق…