‫الرئيسية‬ في الواجهة اقتصاد المسيلة: منح “جينقدونغ ستيل” امتيازًا لإنشاء أضخم مصنع للصلب
اقتصاد - الأولى - مال واعمال - 2 يونيو، 2025

المسيلة: منح “جينقدونغ ستيل” امتيازًا لإنشاء أضخم مصنع للصلب

المسيلة: منح "جينقدونغ ستيل" امتيازًا لإنشاء أضخم مصنع للصلب
منحت السلطات الجزائرية عقد امتياز للمؤسسة الصينية “جينقدونغ ستيل” من أجل إنجاز مصنع ضخم لإنتاج الحديد والصلب في ولاية المسيلة؛ المشروع سيُقام على مساحة تُقدّر بـ 36 هكتارًا داخل المنطقة الصناعية “ذراع الحاجة”، ويُعد من بين أبرز المشاريع الصناعية الثقيلة التي تستقطبها الجزائر خلال السنوات الأخيرة خارج المحور التقليدي للاستثمار في الشمال.

يهدف هذا المشروع، الذي تُقدَّر كلفته الإجمالية بـ 500 مليون دولار، إلى إنتاج 500 ألف طن من الصفائح والأنابيب الفولاذية سنويًا، وذلك على مرحلتين: الأولى ستُخصَّص لإنتاج الصفائح بقدرة 200 ألف طن، فيما ستُركز المرحلة الثانية على تصنيع الأنابيب بطاقة 300 ألف طن سنويًا. ووفق بيان الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، التي أشرفت على تسليم العقد، فإن المشروع سيُنجَز بتدرج زمني واضح ويراعي المعايير التقنية المطلوبة.

وتتميّز هذه الشراكة باعتمادها على الموارد المحلية؛ إذ أوضح البيان أن 80 بالمئة من المواد الخام التي سيُعتمد عليها مصدرها جزائري، مما يُعزز من القيمة المحلية المضافة، ويُقلّص الحاجة إلى الاستيراد في هذا المجال الحساس. كما يُنتظر أن يُوجه نصف الإنتاج إلى السوق الوطنية، بينما يُخصَّص النصف الآخر للتصدير، وهو ما يُترجم توجهًا استراتيجيًا نحو دعم الصادرات الصناعية وتحسين الميزان التجاري.

من الجانب الاجتماعي، يُرتقب أن يُوفّر المشروع 1114 منصب شغل مباشر وأكثر من 2000 منصب غير مباشر، إضافة إلى إنشاء مركز للتكوين في مهن الحديد والصلب، يُتيح نقل المهارات والخبرات التقنية إلى الموارد البشرية الجزائرية. ويُشكّل هذا التوجه أحد عناصر القوة في المشروع، كونه لا يقتصر على البنية الصناعية فقط، بل يدمج البعد التكويني والتقني كشرط أساسي لضمان ديمومة النشاط وتحقيق الفعالية التشغيلية على المدى البعيد.

في السياق الأوسع، يُعد هذا الاستثمار تجسيدًا ملموسًا للانفتاح الجزائري على الشراكات الاستراتيجية مع أطراف دولية وازنة، كالصين، في قطاعات الإنتاج الثقيل، وهو ما يتماشى مع التوجهات الحكومية نحو بناء اقتصاد متنوع يرتكز على الصناعة التحويلية بدلًا من الاستيراد المفرط. ويكتسي اختيار المسيلة بعدًا لافتًا، إذ يندرج ضمن سياسة توزيع متوازن للاستثمار بين ولايات الشمال والداخل، ويمنح للمناطق الصناعية الناشئة موقعًا حقيقيًا في الخريطة الاقتصادية الوطنية.

ورغم أهمية المشروع، إلا أن نجاحه سيظل مشروطًا بمدى جاهزية البنية التحتية في المنطقة الصناعية المستقبِلة، خاصة من حيث توفر الكهرباء والمياه والربط الطرقي، فضلًا عن ضرورة تسريع الإجراءات الإدارية والبيئية المرتبطة بالترخيص والإشراف التقني. كما أن متابعة تنفيذ الالتزامات التكوينية، وضمان شروط الصحة والسلامة المهنية، ستُشكّل محددات جوهرية لتحوّل هذا الاستثمار من مجرد منشأة إنتاجية إلى قطب صناعي حقيقي.

في ظل التحولات التي يشهدها الاقتصاد الوطني، يُمثّل هذا المشروع نموذجًا لصيغة يمكن تعميمها في ولايات أخرى، شرط توفر الإرادة السياسية، والشفافية الإدارية، والمرافقة التقنية الفعلية. إن استقطاب مؤسسة بحجم “جينقدونغ ستيل” ليس إنجازًا في حد ذاته؛ الإنجاز الحقيقي سيكون عندما تنطلق الأشغال، وتُفتح مناصب الشغل، وتُنتَج أولى الصفائح الفولاذية على أرض المسيلة.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!

تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…