المظاهرات النسائية ضد الحجاب تسقط شرطة الآداب في إيران
ألغت إيران رسميًا شرطة الآداب العامة، بعدما كانت السعودية قد ألغتها بدورها منذ سنوات، وكانت تسمى “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، وهي جهاز شرطة يراقب تصرفات المواطنين وفقًا لتعليمات المذهب الوهابي السلفي. وما زلنا نتذكر صور تحطيم الآلات الموسيقية التي تم ضبطها مع شباب السعودية. في إيران، جاء القرار بعد أحداث رفض الحجاب، والتي كانت ضحيتها شابة إيرانية تعرضت للتعذيب بسبب رفضها ارتداء الحجاب الشرعي وفقًا لتعاليم الشريعة المطبقة من المذهب الجعفري الإثني عشري الحاكم في إيران.
ثورة الحجاب التي شهدتها إيران كادت أن تقضي على النظام، حيث اندلعت مظاهرات عارمة شملت مختلف مناطق البلاد. رفضت النساء والفتيات الإيرانيات ارتداء الحجاب الديني، ووصلت بعض التصرفات المناهضة للحجاب إلى حد حلق بعض النساء لشعرهن بالكامل. أدت المظاهرات إلى تجميد شرطة الآداب في تلك الفترة تفاديًا لتعقيد الأوضاع.
شرطة الآداب هي شرطة دينية ضمن نظام الحسبة الديني المعروف، تراقب تصرفات المواطنين، وتقوم إما بمعاقبتهم أو تقديمهم للعدالة، وفي العديد من الأحيان، يتم سجنهم. وللأسف، في الوقت الذي تتخلص فيه الأنظمة الثيوقراطية من هذه الظواهر الاجتماعية الفاسدة وغير القانونية التي تتنافى مع ما يسمى عمل الدولة المدنية، ظهرت في الجزائر خلال شهر رمضان أصوات تنادي المواطنين بتصوير الشخص الذي يفطر وإرسال الصورة للشرطة من أجل معاقبته. هذا يضع الجزائر مباشرة في خانة تطبيق نظام الحسبة المشؤوم، والتجسس على خصوصية الناس. خاصة أن صوم رمضان من شرائع الإيمان ولا علاقة للشرطة بذلك، بل يجب على الشرطة تطبيق القانون الجمهوري على مواطنيها بالتساوي بين الجميع. أما الإيمان، فالله عز وجل هو الوحيد الذي يعاقب ويكافئ المؤمن يوم القيامة، ولا دخل للشرطة في ذلك.
خلال رمضان في الجزائر، برز تيار متطرف من بقايا الإرهاب، يحلم بتحويل الجزائر إلى نظام ثيوقراطي سلفي وهابي يعتدي على حريات الأشخاص. ورغم الدمار الذي أحدثه هذا التيار في الجزائر، والذي أدخلها في عشر سنوات من الإرهاب، لم نستطع الخروج والنأي بالمجتمع عن أضرار هذا الاتجاه الديني الذي أصبح لا يمثل أهل السنة والجماعة بعد طرده من بقية مذاهب السنة في مؤتمر غروني عام 2016 بسبب عقيدته التجسيمية وادعائه بأنه الفرقة الناجية. وما زال هذا التيار يعطي لنفسه في الجزائر صلاحيات الدولة الجزائرية عبر ممارسته العلنية والسرية للانفلات في الفتوى التي نشاهدها على وسائل التواصل الاجتماعي. وكان آخرها ملتحٍ يفتي بضرورة فرض الحجاب على بنات الجزائر بدءًا من السنة الأولى من المرحلة المتوسطة، متهمًا فتاة صغيرة في الابتدائي نزعت الحجاب بأنها “متبرجة”، متجاوزًا بذلك كل الحدود والمؤسسات الدينية الشرعية في الجزائر، والتي عادة لا تحرك ساكنًا رغم المليارات التي تُدفع لها من جيوب المواطنين، ولا تحميهم من فوضى الفتاوى الدينية التي تحمل في طياتها رؤى واجتهادات لتيارات ومذاهب دينية تتعارض مع المرجعية الوطنية.
الإرهاب في الجزائر تسببت فيه الفتاوى، وليس الإفطار في رمضان. فهناك ملايين المسلمين، منهم حوالي مليون جزائري مسلم يعيشون في المهجر ويصومون وسط مجتمع لا يصوم، ولا أحد منهم انزعج أو فقد إيمانه لأن جاره الأوروبي يفطر أو لا يصوم، أو حتى صديقه.
كان آباؤنا يقولون لنا إن الله عز وجل يحب المؤمن القوي أكثر من المؤمن الضعيف. والقوة تعني أن يصوم الشخص ولا يبالي بتصرفات الآخرين. بل على العكس، فإن وجودها، حتى في حالة مخالفتها له، يظهر قوته وعزيمته. هكذا علمنا آباؤنا وأجدادنا الإسلام قبل الغزو السلفي الوهابي لبلدنا وقتله لآلاف الجزائريين وتهجيره للملايين.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…