‫الرئيسية‬ الأولى “برد في عيون دافئة”… رواية تفضح الصمت وتعيد صوت الأدب
الأولى - فنون وثقافة - ‫‫‫‏‫أسبوع واحد مضت‬

“برد في عيون دافئة”… رواية تفضح الصمت وتعيد صوت الأدب

"برد في عيون دافئة"... رواية تفضح الصمت وتعيد صوت الأدب
تبرز رواية “برد في عيون دافئة” للكاتبة الجزائرية بومخيط شيماء سليمة كعمل أدبي جريء يعيد الاعتبار للكلمة ودورها في مقاومة الصمت الاجتماعي والفساد الأخلاقي. الرواية، الصادرة حديثًا، تمثل صرخة فكرية وإنسانية في وجه الخوف والتواطؤ، وتعيد إلى الأدب وظيفته الأصيلة كمرآة للواقع ومجالٍ لطرح الأسئلة المؤلمة.

تغوص الكاتبة من خلال بطلتها، الإعلامية سمية ساحل، في عالمٍ غامض تتقاطع فيه الحقيقة مع الخيال، وهي تفتح ملفًا شديد الحساسية يتعلق بشبكة لاختطاف الأطفال، لتتحول الكلمة إلى معركة يخوضها الضمير ضد الصمت. وبين أنين الأمهات وصمت المؤسسات، تتقاطع مصائر الشخصيات لتكشف هشاشة العدالة حين تصطدم بالمصالح، بينما يظهر العقيد فارس زرالدة ممزقًا بين الواجب والإنسانية، في حين يرمز الطفلان هارون ومروى إلى البراءة والأمل وسط عتمة الفقد والفساد.

الرواية لا تكتفي بسرد الأحداث، بل تمارس فعل المقاومة الأدبية، إذ تحوّل المأساة إلى سؤال مفتوح حول مسؤولية المجتمع وصمته أمام الظلم. بأسلوبٍ مشحون بالعاطفة ومرتبط بالوعي، تمزج بومخيط بين الواقعية القاسية والرمزية الشفافة، فتكتب نصًا يواجه القارئ بجرأة، ويضعه أمام مرآة الأخلاق والضمير.

“برد في عيون دافئة” ليست رواية عابرة في مسار الأدب الجزائري، بل موقف إنساني وأخلاقي يُعيد تعريف دور الكاتبة كمثقفة شاهدة على عصرها. فالعمل، بأسلوبه المتين ولغته المرهفة، يؤكد أن الكتابة ليست ترفًا بل فعل مقاومة في وجه القهر والنسيان، وأن الأدب ما زال قادرًا على أن يكون مساحة للحقيقة حين يخذلها الواقع.

الكاتبة بومخيط شيماء سليمة، من مواليد 22 سبتمبر 2000 بمدينة مستغانم، تمثل نموذجًا لجيلٍ جزائري شاب يجمع بين الوعي الثقافي والالتزام الاجتماعي. حاصلة على شهادة ماستر في اللسانيات التطبيقية (2025)، وناشطة ثقافية متعددة المواهب في مجالات الكتابة والإنشاد والرسم والتنشيط. شاركت في تنظيم ملتقيات أدبية وثقافية، أبرزها ملتقى اليوم العالمي للغة العربية سنة 2025 بالمركز الثقافي الإسلامي بمستغانم، وأسهمت في إثراء المشهد الأدبي الجامعي من خلال بودكاستات وبرامج ثقافية شبابية.

بومخيط شيماء، التي تصف الكتابة بأنها “مساحة وعي لا ملاذ”، تنتمي إلى جيلٍ من الكاتبات الجزائريات اللواتي يكتبن لإحداث أثرٍ لا لترك بصمة شكلية، لتؤكد أن الأدب الجزائري النسائي لم يعد هامشًا بل جزءًا فاعلاً في صناعة الوعي.

روايتها “برد في عيون دافئة” ليست فقط قصة عن الألم، بل عن القدرة على تحويل الألم إلى معنى، والكتابة إلى شهادة. عملٌ يصرخ في وجه الصمت، ويعيد للأدب صوته حين يغيب الضمير.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

العقرب الملائكي.. رواية تكشف الوجه الخفي لمعاناة المرأة بين القيد والنهضة

تطرح الكاتبة غنّام جمعة في روايتها الجديدة “العقرب الملائكي” عملاً سردياً لافت…