‫الرئيسية‬ في الواجهة رأي الافتتاحية بكاء هدى وصرخة ضد الظلم
الافتتاحية - 17 يوليو، 2024

بكاء هدى وصرخة ضد الظلم

هدى، بطلة الجزائر في الرماية
بكت هدى، بطلة الجزائر في الرماية، وهي في طريق العودة إلى منزلها برفقة العقيد السابق في الجيش الجزائري ومدربها الشخصي، بعد فترة تدريبية في فرنسا استعداداً للمشاركة في أولمبياد باريس. بكت هدى لأنها علمت فور وصولها إلى الجزائر أن مدربها لم يعد مؤهلاً ليحمل صفة المدرب ولن يرافقها إلى فرنسا خلال المنافسات. بناءً على ذلك، قررت هدى مقاطعة الأولمبياد بدون حضور مدربها، وهو قرار طبيعي جداً.

مدرب هدى كان مؤهلاً في فترة الوزير السيد سبقاق، وأيضاً الوزير الذي سبقه. ولكن اليوم، يقول له الوزير الحالي السيد حماد، وهو في نفس الوقت رئيس اللجنة الأولمبية الجزائرية، في تداخل غريب للصلاحيات، “أنت لست مؤهلاً لتكون مدرباً في الرماية.” هذا الكلام موجه لعقيد متخصص في التصويب والرماية كمهنة، ثم كهواية بعد تقاعده من الجيش الوطني.

بكت هدى لأن القرار نزل عليها كالصاعقة قبل خمسة أيام فقط من التحاقها بباريس للمشاركة، وهذه المدة غير كافية لحل معضلة الإدارة الجزائرية المتخلفة. بكاء هدى يعكس حال الكثير من الجزائريين الذين يبكون يومياً أمام الظلم والتعسف والقهر الإداري، ولا يجدون حلاً أو هيئة يشكون إليها ديكتاتورية الإدارة الجزائرية المتخلفة.

بكت هدى لأنها ظلمت وظُلم مدربها العقيد المتقاعد، الذي لم يشفع له مساره لدى الإدارة الجزائرية المتخلفة. قدم العقيد المتقاعد كل ما يستطيع من وقته وماله الخاص وجهده لجعل هدى بطلة أولمبية في رياضة الرماية.

بكاء هدى ذكرني بحال الرياضيين الجزائريين الشباب في رياضة الجمباز الذين التقيتهم في تصفيات بطولة العالم في مدينة “أنفرس” البلجيكية. هؤلاء الرياضيون ومدربهم تحدثوا عن الدعم المالي الكبير الذي تتلقاه اتحاداتهم، لكن الأموال لا تصل إلى الرياضيين والمدربين بل تستفيد منها مجموعات من الإداريين والمتصرفين. الرياضيون يعانون من نقص في الدعم الأساسي حتى لشراء “الصاندويتش” الذي يقتاتون به.

لا توجد بيروقراطية في الجزائر، لأن البيروقراطية هي مرض يصيب فقط الدول المتقدمة وتعني سيطرة القوانين والنظم بصفة تكاد تكون لا إنسانية. نحن نعاني من تخلف إداري مقيت وعبثية في اتخاذ القرارات. ممارسة الإثنية، الجهوية، “الصابوطاج”، الإقصاء، التعسف في السلطة، وعدم التزام الإدارة بالرد على الطلبات هي مظاهر تخلف بغيض نعاني منه على كل المستويات.

بكاء هدى، بطلة إفريقيا في الرماية، هو في الحقيقة بكاء الجزائريين والجزائريات الذين لا حول لهم ولا قوة أمام مجرمين يرتدون بذلات محترمة، يسكنون الإدارة الجزائرية ويتعمدون التدمير، ويمتهنون إهانة المواطنين واستغلال المناصب للتسلط والظلم والرشوة.

بكاء هدى هي صرخة ضد الظلم، وعلى السلطات تلقفها لإصلاح الأمور قبل ضياع المجتمع الجزائري. تعاطفي الكامل مع هدى ومدربها العقيد المتقاعد وجميع أبناء وبنات الجزائر الذين يعانون من إدارة متخلفة جداً، وهي سبب مصائب الكثير من الجزائريين.

لخضر فراط صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر

اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…