تبون يحذّر: حاويات الأموال تموّل الجريمة المنظمة وتضعف مشاريع الدولة
باستثناء بعض الارتباك في التنسيق بين الزملاء المحاورين، وضع الرئيس عبد المجيد تبون في لقائه الدوري مع الإعلام الوطني النقاط على الحروف في عدد من القضايا الجوهرية. فقد شرح حيثيات التغيير الحكومي الأخير، وأكد أن المرأة الجزائرية لها مكانتها الطبيعية في تولي المسؤوليات العليا، واعدًا بزيادة حضور النساء في مراكز القرار مستقبلًا، وفاءً للشهيدات والمجاهدات اللواتي قدمن تضحيات جسامًا في سبيل تحرير الوطن من الاستعمار الفرنسي. كانت رسالته واضحة في الرد على الخطابات الدينية المتطرفة والتافهة التي تسيء للمرأة وتشيطنها ليل نهار، أحيانًا بأموال دافعي الضرائب ومن بينهن النساء العاملات أنفسهن. بهذا الموقف، بعث تبون بإشارة قوية مفادها أن الجزائر تبقى وفية لتضحيات المرأة في مختلف مراحل تاريخها القديم والمعاصر.
وتوسع الرئيس في خطابه ليشمل القضايا الداخلية والخارجية، مجددًا موقف الجزائر الثابت في دعم فلسطين وإدانة ما ارتكبته إسرائيل ضد دولة قطر الشقيقة، كما أكد على نجاح سياسة الجزائر في إفريقيا باعتبارها محيطها الطبيعي، رغم ما يُثار من إشاعات ومحاولات تشويش. وحذر مرة أخرى من خطورة هذه الإشاعات على استقرار البلد، لكنه لم يقدم تفاصيل دقيقة حول وضع آليات عملية لمحاربتها أو فتح نقاش جدي بشأنها، رغم أنها باتت تهدد الأمن الوطني بشكل مباشر.
ولم يغفل تبون عن قطاع الفلاحة الذي وصفه بالجرح المفتوح، موضحًا أنه يعاني من تأخر كبير يستوجب إدخال التسيير العصري بعد عقود من الارتجال و”البريكولاج”. وأكد أن تعيين وزير جديد للفلاحة يندرج في إطار استراتيجية شاملة لعصرنة القطاع وجعله أحد أعمدة الاقتصاد الوطني بعيدًا عن التخبط الذي عرفه في السابق.
غير أن أكثر ما يؤرق الرئيس تبون، كما بدا جليًا في نبرة حديثه، هو ملف الأموال المكدسة خارج البنوك. فقد كشف عن اكتناز مليارات الدنانير في حاويات وغرف مغلقة، معتبراً أنها تهديد مباشر للأمن الداخلي وأحد منابع تمويل الفساد والجريمة المنظمة. وأعلن عزمه على الاستمرار في مواجهة هذه المعضلة، وإن لم يوضح بعد الأدوات التي سيستخدمها لمحاربتها. فهذه الأموال المخبأة تمثل مصيبة حقيقية تعيق إنجاز المشاريع التنموية وتُستغل لإضعاف جهود الدولة، وهو ما دفع الرئيس إلى التنديد بتصرفات الفساد في مختلف القطاعات متوعدًا بإيقافها ومحاربتها بلا هوادة.
ويظل اللقاء الدوري للرئيس تبون موعدًا مهمًا في المشهد الإعلامي الوطني لمناقشة قضايا الساعة، غير أن حجم الحرب الإعلامية التي تتعرض لها الجزائر من محور باريس–الرباط–تل أبيب عبر “الحركى 2.0″، يفرض تعزيز حضور مسؤولين آخرين في الساحة الإعلامية. فخطاب الرئيس وحده لم يعد كافيًا لمواجهة الكم الهائل من الأخبار المضللة وحملات التشويه، ما يستوجب مؤتمرات صحفية دورية من مختلف الوزارات والمؤسسات لإطلاع المواطن على الحقائق وتحصينه ضد محاولات استهداف وحدة البلاد وأمنها.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…