تبون يُنهي زمن البهرجة.. متى تنفذ الحكومة تعليمات الرئيس؟
أخيرًا، نطق الرئيس عبد المجيد تبون موجّهًا أعضاء الحكومة إلى ضرورة العمل على أرض الواقع والابتعاد عن البهرجة الإعلامية التي تحوّلت، للأسف، إلى مهنة يمارسها بعض الوزراء، متناسين أن دورهم الأساسي هو تنفيذي، أي أن تصريحاتهم الإعلامية يجب أن تقتصر على شرح القرارات المتخذة في مجالات تخصصهم، وترك وسائل الإعلام تقوم بدورها في التحليل والمتابعة.
يبدو أن بعض الوزراء اليوم نسوا الصلاحيات التي عُيّنوا من أجلها، وابتعدوا عن العمل التنفيذي الحقيقي الذي يُنتظر منهم، واكتفوا بتصريحات فضفاضة وعامة، لا تُغني ولا تُفيد، ولا علاقة لها بالتنفيذ. الذكاء السياسي للوزير لا يُقاس بعدد ظهوره الإعلامي، بل بقدرته على ترجمة البرنامج السياسي لرئيس الجمهورية إلى قرارات ملموسة.
فعوض ترديد الخطب الرمزية حول الأمازيغية، كان الأجدر وضع برنامج وطني فعّال لتكريس اللغة والدفاع عنها، بل ولم لا نكون أول بلد يُطلق قناة دولية مهنية ناطقة بالأمازيغية، تُبث من كبريات العواصم العالمية، بأطقم محترفة؟ تلك ستكون بالفعل خطوة نوعية للحفاظ على هذه اللغة باعتبارها جزءًا من الهوية الوطنية.
ومادام وزير الشؤون الدينية قد شارك في مراسم تنصيب البابا بالفاتيكان، فإن التفكير في مخطط ثقافي وسياحي بالتنسيق مع وزارة الثقافة لتنظيم زيارات دورية لمسيحيي العالم إلى الجزائر، لزيارة مسقط رأس القديس أوغسطين في سوق أهراس وكنيسته في عنابة، يُمكن أن يتطور إلى ما يُشبه حجًا دينيًا، خاصة إذا نجحت الجزائر في التفاوض مع الفاتيكان من أجل استعادة رفاته ودفنه في وطنه.
الجزائر بحاجة إلى وزراء ومسؤولين يُفكّرون خارج الصندوق، يُواجهون تحديات قطاعاتهم بشجاعة، ويُحوّلون طموحات الرئيس إلى إنجازات واقعية. لسنا بحاجة إلى خطب ارتجالية ضعيفة في المضمون والشكل، لأن أغلبها يُسيء أكثر مما يُقنع.
شخصيًا، لاحظت في عدة فيديوهات الطريقة المؤسفة التي يُخاطب بها بعض المسؤولين المواطنين والموظفين، وكأنهم نزلوا من كوكب آخر. هذا السلوك لا يُشبه الجزائر، ولا يليق بمسؤول يُفترض أنه يُمثل الدولة.
الرئيس تبون أشار صراحة إلى ضرورة الابتعاد عن هذه التصرفات، لأن وسائل التواصل الاجتماعي تحوّلت إلى أدوات تجسس حقيقية. وبمجرد تصرف غير محسوب من مسؤول، يُمكن الوصول إلى استنتاجات مضرة بصورة الدولة.
أتفهم أن بعض المسؤولين لم يُحضّروا نفسيًا ومهنيًا لمواجهة هذا الزخم الإعلامي وهذا الفضاء المفتوح، فارتجلوا كلٌ حسب اجتهاده، لكن الآن حان وقت التدريب والتأطير والتوجيه. و إلى أن يتم ذلك، فإن الابتعاد المؤقت عن هذه الوسائل يظل أفضل من إساءة استعمالها.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…