تركيا تطلب الانضمام إلى مجموعة البريكس وتربك شركاءها في الحلف الأطلسي
أعلنت تركيا رسميًا عن تقدمها بطلب للانضمام إلى مجموعة البريكس، مما فاجأ شركاءها في الغرب وفي الحلف الأطلسي. تُعد هذه الخطوة تقاربًا مع الصين وروسيا والمجموعة الآسيوية والدول الأعضاء الآخرين في البريكس. جاء هذا القرار بعد أشهر من ضغوط مارستها المفوضية الأوروبية لثني تركيا عن التوجه نحو تحالف يُعتبر معاديًا للغرب أو على الأقل منافسًا شرسًا له. وقد تابعت تركيا خلال الأشهر الماضية أخبار تلقيها عدة عروض مغرية من الاتحاد الأوروبي اقتصاديًا وتجاريًا وسياسيًا، ويبدو أن تركيا أدارت ظهرها لكل المقترحات التي قدمتها المفوضية الأوروبية.
أحد أهم الأسباب التي دفعت تركيا للتوجه نحو مجموعة اقتصادية مختلفة عن مجموعة حلفائها التقليديين هي رفض الأوروبيين انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بعد مفاوضات استمرت 15 سنة كاملة، تم خلالها الاتفاق على 15 فصلًا من فصول الانضمام، فيما تبقى 15 فصلًا آخر للتفاوض. لكن العملية توقفت بعد اتهام الاتحاد الأوروبي تركيا بعدم احترام حقوق الإنسان وعدم التزامها بالقيم المشتركة التي يدافع عنها الاتحاد. توقفت عملية التفاوض ثم جُمدت نهائيًا، وتم توجيه الأموال التي كانت مخصصة لهذا الغرض إلى استعمالات أخرى خارج العلاقات مع تركيا.
15 سنة من المفاوضات لم تحقق أي تقدم، ولكن تركيا ترى اليوم كيف تسارع أوروبا لضم أوكرانيا، رغم أنها في حالة حرب وعلى حافة الإفلاس، وتبحث عن حلول للإسراع في وتيرة التفاوض معها لضمها في أسرع وقت ممكن. بالطبع، تُعتبر أوكرانيا مسيحية أوروبية، إضافة إلى كونها بلدًا يمكن السيطرة على خيراته أو ما ستتركه الولايات المتحدة الأمريكية لبعض كبار الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا وبولندا وفرنسا.
كما قال أحد المراقبين للشأن الأوروبي، إن الاتحاد الأوروبي هو مجرد “نادي مسيحي” لا أكثر، ولا مكان لتركيا فيه لأنها دولة مسلمة. لذا، قررت تركيا إدارة ظهرها لكل الإغراءات التي عرضتها عليها المفوضية الأوروبية، بما في ذلك اتفاق تجاري وجمركي متميز، وأعلنت ترشحها للانضمام إلى مجموعة البريكس. الأهمية في هذه المجموعة تكمن في الحماية التي ستحظى بها تركيا عبر استخدامها لعملتها الوطنية في التبادل التجاري مع بلدان البريكس، وهي من الدول التي تشتري الطاقة من روسيا والخليج وتتاجر مع المجموعة الآسيوية والأوراسية. كما أن الجغرافيا تساعد تركيا على أن تكون موزعًا للطاقة الروسية وللتكنولوجيا والسلع التي تنتجها الصين.
تركيا تعاني منذ فترة من شركائها في الحلف الأطلسي، حيث رفضت الانسياق وراء دول الحلف في معاداة روسيا ورفضت فرض أي عقوبات على روسيا. كما رفضت تركيا التخلي عن نظام الدفاع الصاروخي S-400 الذي حصلت عليه من روسيا، ما أثار ضجة داخل الحلف الأطلسي، وتعرضت تركيا بسببه لإقصائها من برنامج تصنيع طائرات F-35 الأمريكية. حتى الوعود التي تلقتها من بايدن لشراء طائرات F-16 المطورة لم تُنفذ حتى الآن، وبدأت معلومات تتسرب عن احتمال توجه تركيا لشراء طائرات سوخوي 35 و57 الروسية المتطورة من الجيل الرابع والخامس، خاصة وأنها أثبتت تفوقها على الأرض في الحرب الأوكرانية.
تركيا إذن تدير ظهرها لحلفائها في الأطلسي وتقترب من الانضمام إلى مجموعة البريكس، مما سيعود عليها بالفائدة دون شك، حيث ستقلص من الاعتماد على الدولار الذي كاد أن يدمر عملتها الوطنية التي سقطت إلى الحضيض بسبب التضخم الناتج عن التقلبات في الأسواق الغربية واعتمادها على الدولار كتغطية لعملتها الوطنية.
تركيا ستجد في مجموعة البريكس كل ما تحتاجه سواء في العتاد العسكري من الصين وروسيا أو السلع والمنتجات والتكنولوجيا. والأهم هو التنويع في العملات خارج سيطرة الدولار، الذي أصبح يزعج الكثير من الدول بعدما حولته أمريكا إلى أداة لمعاقبة من يخالفونها ووسيلة للتجسس على مشترياتهم المدنية والعسكرية.
خلاصة القول، إن انضمام تركيا إلى البريكس سيضيف قوة للمجموعة ويساهم في بناء عالم جديد متعدد الأقطاب. ولا يمكن التغافل عن تأثير ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط والانحياز الأمريكي الأعمى في دعم إسرائيل، رغم كل ممارساتها اللاإنسانية ضد الفلسطينيين، في قرار تركيا بالبحث عن الانضمام إلى مجموعة البريكس.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…