‫الرئيسية‬ الأولى تمييز وإهمال في مطار أورلي: الجوية الجزائرية تخرق القانون الوطني والدولي!
الأولى - أحوال الجالية - 8 مايو، 2025

تمييز وإهمال في مطار أورلي: الجوية الجزائرية تخرق القانون الوطني والدولي!

تمييز وإهمال في مطار أورلي: الجوية الجزائرية تخرق القانون الوطني والدولي!
تعرض أحد أفراد الجالية الجزائرية، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، في حادثة مؤسفة شهدها مطار أورلي الدولي بباريس، لمعاملة غير لائقة من طرف وكالة الخطوط الجوية الجزائرية، بعد تجاهل طلبه بالحصول على المساعدة الخاصة التي يُفترض أن تُمنح له خلال رحلته نحو الجزائر.

المعني بالأمر تقدم بطلب مسبق إلى الوكالة، يُبلغ فيه عن حاجته إلى المرافقة والمساعدة الخاصة في المطار، وقد تم طمأنته شفهيًا من طرف أحد أعوان الوكالة بأن الأمور مرتبة وسيتم التكفل به. إلا أن المفاجأة كانت يوم الرحلة، حيث وُضع في موقف حرج بعد أن اكتشف أنه غير مدرج ضمن قائمة المستفيدين من هذه الخدمة، دون إشعار أو تفسير مسبق.

عند استفساره عن سبب هذا الإقصاء، كان الرد الصادم من أحد موظفي الوكالة بأن الخطوط الجوية الجزائرية تعتمد ما سماه “كوطة” محددة لعدد ذوي الاحتياجات الخاصة، وأن طلبه لم يُقبل ضمن هذه الحصة. وهو تبرير غير قانوني لا يستند إلى أي نص تنظيمي معروف، ويتعارض صراحة مع الدستور الجزائري في مادته 40، التي تنص على أن الدولة تضمن “حماية الأشخاص ذوي الإعاقة، وتعمل على إدماجهم اجتماعياً ومهنياً”.

كما يخالف هذا التبرير القانون رقم 02-09 المؤرخ في 8 مايو 2002 المتعلق بحماية الأشخاص المعوقين وترقيتهم، الذي يؤكد في مادته 28 على التزام الدولة والمؤسسات العمومية باتخاذ جميع التدابير لتسهيل تنقل الأشخاص المعاقين وضمان استفادتهم من خدمات النقل والمرافقة دون تمييز.

إضافة إلى ذلك، فإن المرسوم التنفيذي رقم 06-455 المؤرخ في 11 ديسمبر 2006 يكرّس هذا الحق، حيث تنص مادته السابعة على ضرورة توفير التسهيلات اللازمة أثناء تنقل الأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك عبر وسائل النقل العمومي والخاص، دون تحديد عددي أو تقييد مسبق.

وهو أيضًا يتعارض مع أحكام اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2006، وصادقت عليها الجزائر، والتي تنص في مادتها التاسعة على ضرورة “ضمان إمكانية تنقل الأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة مع الآخرين، بما في ذلك عن طريق تأمين خدمات المساعدة البشرية والوسطية المناسبة، لتيسير إمكانية الوصول”.

كما تنص المادة 5 من نفس الاتفاقية على حظر التمييز بكافة أشكاله، بما في ذلك التمييز غير المباشر الناتج عن قرارات إدارية أو تنظيمية، كفرض عدد معين من المستفيدين من خدمات المساعدة الخاصة في الرحلات الجوية.

بناءً على ما سبق، فإن رفض وكالة الخطوط الجوية الجزائرية تقديم المساعدة لهذا المسافر بحجة وجود “كوطة” هو ممارسة مخالفة للقانون الوطني والدولي، وتمثل تمييزًا صريحًا يستوجب التحقيق والمساءلة.

المفارقة الصادمة أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أبدى، في أكثر من مناسبة، اهتمامًا كبيرًا بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدًا التزام الدولة بضمان حقوقهم وتوفير التسهيلات التي تليق بكرامتهم. غير أن تصرفات بعض الأعوان، خاصة في وكالات خارج الوطن مثل وكالة أورلي، لا تعكس هذه التوجيهات الرسمية، بل تنمّ عن نظرة تمييزية وممارسات بيروقراطية مُهينة.

المعاناة لا تتوقف عند أورلي، بل تتواصل بمجرد وصول المسافرين من ذوي الإعاقة إلى مطار الجزائر الدولي. إذ يعاني الكثير منهم من نقص حاد في عدد الأعوان المكلفين باستقبالهم ومرافقتهم، ما يضطرهم إلى التنقل في ظروف صعبة وغير إنسانية، خصوصًا داخل صالات طويلة المسافة أو عند نقاط التفتيش.

الأدهى من ذلك، أن شرطة الحدود في مطار الجزائر لا تعترف ببطاقة المعاق الأجنبية، ما يُجبر المسافرين على الوقوف في طوابير طويلة مع باقي الركاب، حتى أولئك الذين يعانون من إعاقات غير مرئية مثل الإعاقات النفسية أو العصبية أو الحركية الخفيفة، وهو أمر يضاعف من معاناتهم ويُشعرهم بالإقصاء.

بناءً على ما سبق، يناشد ذوو الاحتياجات الخاصة، داخل الوطن وخارجه، السلطات الجزائرية وخاصة مسؤولي مطار الجزائر الدولي، بضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لضمان عبور كريم وآمن لهم. ومن بين أبرز المطالب: الاعتراف ببطاقات الإعاقة الدولية، تخصيص مسارات مخصصة، زيادة عدد الأعوان المؤهلين للمرافقة، وتكوين موظفي الشرطة والأمن في كيفية التعامل مع هذه الفئة.

تبقى هذه الحادثة دليلًا واضحًا على الحاجة إلى مراجعة شاملة لطريقة تعامل المؤسسات الجزائرية، وخاصة شركات الطيران والمطارات، مع ذوي الاحتياجات الخاصة. فالكرامة لا تُقاس بـ”كوطة”، بل تُحترم كحق أصيل من حقوق الإنسان.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!

تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…