جدل واسع في فرنسا حول احتمال انخراطها العسكري في أوكرانيا
يتواصل الجدل داخل فرنسا وخارجها حول طبيعة الدور الفرنسي في الحرب الدائرة بأوكرانيا، بعد تداول تقارير إعلامية تتحدث عن احتمال تعزيز باريس دعمها العسكري لكييف. وبينما لم تُصدر الحكومة الفرنسية أي قرار رسمي يقضي بإرسال قوات للقتال ضد روسيا، فإن المواقف السياسية والتصريحات المتواترة تسهم في تأجيج النقاش داخل الشارع الفرنسي وفي الأوساط الأوروبية.
وتشير تحليلات صحفية إلى أن فرنسا، التي سبق أن زودت أوكرانيا بمنظومات عسكرية على غرار صواريخ “ستورم شادو” بصيغتها الفرنسية، قد تكون بصدد دراسة خيارات دعم إضافية، لكن من دون تأكيد مشاركة مباشرة في العمليات القتالية. هذه التكهنات تأتي في سياق أوروبي متوتر، خصوصاً بعد انخراط بعض الدول في أشكال مختلفة من الدعم، مثل التدريب أو الإسناد غير المباشر داخل الأراضي الأوكرانية، وهي خطوات لم تعلن موسكو رداً مباشراً عليها لكنها اعتبرتها “تصعيداً خطيراً”.
ويُلاحظ أن باريس تبدي منذ أشهر تشدداً أكبر في خطابها السياسي تجاه موسكو، لا سيما بعد التوترات المتراكمة في منطقة الساحل الإفريقي، حيث فقدت فرنسا جزءاً كبيراً من نفوذها التقليدي عقب التغييرات السياسية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وهي تطورات اتهمت فيها أصوات فرنسية موسكو بلعب دور محوري في إضعاف النفوذ الأوروبي هناك. وفي المقابل، تعتبر موسكو أن توسّع الدعم الغربي لأوكرانيا يهدد أمنها القومي، وقد لوّحت مراراً بإمكانية استهداف مصالح الدول التي ترى أنها “منخرطة عدائياً” في الحرب.
في الداخل الفرنسي، يواجه الرئيس إيمانويل ماكرون انتقادات متزايدة من أطراف سياسية تعتبر أن أي خطوة نحو انخراط عسكري مباشر ستعرّض البلاد لمخاطر غير محسوبة، فيما يرى مؤيدوه أن دعم أوكرانيا ضرورة استراتيجية لمنع روسيا من تغيير موازين القوى في أوروبا بالقوة. وقد حذّر قادة عسكريون فرنسيون من ضرورة تعزيز قدرات الجيش في السنوات المقبلة، في ظل حديث ضمن الأوساط الأمنية عن احتمالات تصعيد طويل الأمد في القارة الأوروبية.
وتتخوّف شريحة من الرأي العام الفرنسي من أن يؤدي أي انزلاق نحو تدخل مباشر إلى ردود أفعال روسية قد تطال المصالح الفرنسية حول العالم، وهو ما يردده خبراء استراتيجيون يعتبرون أن موسكو تمتلك أدوات ضغط متعددة في مناطق مختلفة. وتأتي هذه المخاوف في ظل تقارير تشير إلى أن الحكومات الأوروبية لم تستكمل بعد جاهزيتها العسكرية للتعامل مع سيناريو مواجهة موسّعة.
وبينما تستمر الحرب في أوكرانيا في فرض تحوّلات متسارعة على السياسة الأوروبية، يبدو أن باريس تجد نفسها أمام معادلة دقيقة: دعم أوكرانيا بما يحافظ على وحدة الموقف الأوروبي، من دون الانجرار إلى مواجهة مباشرة تُعدّ من أخطر السيناريوهات المطروحة. وحتى الآن، لا يزال الموقف الرسمي الفرنسي يؤكد أن أي قرار يتعلق بإرسال قوات مقاتلة “غير مطروح”، بينما تستمر النقاشات السياسية والإعلامية في استشراف احتمالات المرحلة المقبلة.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
من يحكم فعليًا في مملكة المروك؟
أثار خطاب ملك المروك، الذي دعا فيه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى “حوار مباشر بين الأش…






