‫الرئيسية‬ في الواجهة أحوال الناس أحوال الجالية جرائم فردية تلطخ سمعة الجزائريين في كل مكان!

جرائم فردية تلطخ سمعة الجزائريين في كل مكان!

جرائم فردية تلطخ سمعة الجزائريين في كل مكان!
شهدت مدينة لندن  واحدة من أكثر القضايا التي أثارت الجدل والاهتمام في الصحافة البريطانية، حين أقدم الجزائري موراد عيد على تنفيذ عملية سرقة مدروسة استهدفت حقيبة ثمينة تعود إلى بريتني بوتون، زوجة سائق الفورمولا 1 السابق الشهير جينسون بوتون.

وقعت الحادثة بالقرب من محطة سانت بانكراس الدولية، وهي واحدة من أكثر المناطق ازدحامًا في العاصمة البريطانية، حيث كانت بريتني وزوجها في طريقهما للسفر. الحقيبة المسروقة لم تكن مجرد قطعة جلدية فاخرة من ماركة Goyard، بل كانت تحمل بداخلها مزيجًا من الذكريات العاطفية والقيمة المادية المرتفعة، إذ وُجد فيها مجوهرات تذكارية من حفل زواجهما، وأخرى من ولادة أطفالهما، إضافة إلى حقائب Hermes Kelly باهظة الثمن. قُدرت قيمة المسروقات الإجمالية بما يقارب سبعين ألف جنيه إسترليني، وهو ما جعل القضية مادة دسمة لوسائل الإعلام التي تناقلت صور كاميرات المراقبة التي أظهرت اللص وهو يختطف الحقيبة بخفة ويمضي مسرعًا. لم يستمر فراره طويلًا، فقد تمكنت الشرطة البريطانية من تعقبه واعتقاله بعد أيام قليلة في حي تجاري بلندن، وأظهرت التحقيقات أنه مهاجر غير نظامي كان يتنقل بين مدن أوروبية قبل أن يستقر لفترة قصيرة في العاصمة البريطانية. أصدرت المحكمة حكمها بسجنه لمدة عامين وأربعة أشهر مع ترحيله إلى الجزائر بعد قضاء العقوبة، لكن الجدل لم ينتهِ عند هذا الحد، إذ أثارت القضية تساؤلات حول كيفية دخول مهاجرين غير نظاميين إلى بريطانيا رغم التشديدات الأمنية.

وفي أحياء لندن الراقية، وتحديدًا في منطقة ماي فير التي تُعد موطنًا لكثير من المتاجر الفاخرة، كانت هناك عصابة أخرى، هذه المرة أكثر تنظيمًا، تتألف من جزائريين يتنقلون باستمرار بين لندن وباريس، تتخصص في سرقة الساعات الفاخرة التي تتجاوز قيمتها أحيانًا مئات آلاف الجنيهات. كانت هذه العصابة تتبع أسلوبًا بالغ الجرأة: يحدد أحد أفرادها الضحية المستهدفة عند خروجها من متجر مجوهرات أو ساعة فاخرة، ثم يقترب منها فجأة وينزع الساعة من معصمها في لحظة خاطفة، بينما ينتظر شريكه على دراجة نارية مسرعة في الشارع، لتتم عملية الفرار في ثوانٍ معدودة قبل أن يتمكن أي شخص من التدخل. هذا النمط المتكرر من السرقات لم يقتصر على لندن فقط، بل امتد إلى باريس حيث تم بيع بعض المسروقات في أسواق سوداء أو تهريبها عبر شبكات إجرامية دولية. التعاون بين الشرطة البريطانية والفرنسية كشف عن امتداد هذه العصابة إلى أكثر من دولة أوروبية، ما جعلها محل متابعة من جهات أمنية متعددة.

وبالابتعاد عن أوروبا نحو جنوب شرق آسيا، وتحديدًا في بانكوك، وقعت حادثة كشفت عن مدى انتشار هذه الجرائم على نطاق عالمي. في مطار سوفارنابومي الدولي، الذي يعد أحد أكثر مطارات آسيا ازدحامًا، رصدت كاميرات المراقبة جزائريين يتجولان في صالات المسافرين بطريقة أثارت شكوك رجال الأمن. لم تمضِ فترة طويلة حتى التقطت الكاميرات لحظة اقترابهما من أحد الركاب أثناء انشغاله بترتيب أمتعته، حيث تمكنا من سحب بطاقة إلكترونية من حقيبته بمهارة واضحة. الأمن التايلاندي، الذي كان يتابع تحركاتهما منذ لحظة دخولهما المطار، ألقى القبض عليهما فورًا، وكشفت التحقيقات أنهما على ارتباط بشبكات أوسع تعمل في عدة مطارات حول العالم، مستغلة ثغرات المراقبة في بعض النقاط الحساسة. الحادثة سلطت الضوء على نشاط إجرامي لا يقتصر على منطقة جغرافية محددة، بل يمتد إلى أي مكان تتوافر فيه فرص الوصول إلى أموال أو ممتلكات قيمة.

وعند العودة مرة أخرى إلى لندن، برز اسم زكريا ب.، وهو قاصر جزائري لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره، لكنه راكم سجلًا إجراميًا مثيرًا للقلق. هذا الشاب كان قد تورط في 28 جريمة و12 إدانة جنائية، شملت السرقة والاعتداء وحتى التهديد المباشر لشخصيات عامة، أبرزها حادثة تهديده لمقدم برامج بقطع يده قبل أن يسلبه ساعة Rolex فاخرة. القضية أثارت جدلًا كبيرًا لأن القوانين البريطانية منعت ترحيله كونه قاصرًا وقت ارتكاب معظم الجرائم، ما دفع سياسيين وإعلاميين للمطالبة بإعادة النظر في قوانين التعامل مع المجرمين الأجانب القصر، خاصة إذا شكلوا خطرًا على المجتمع.

وبعيدًا عن السرقات الفردية، كشفت الشرطة الدولية (الإنتربول) عن وجود شبكات إجرامية جزائرية منظمة تنشط في تهريب السيارات الفاخرة المسروقة من دول أوروبية مثل فرنسا وسويسرا نحو الجزائر عبر تونس. هذه الشبكات كانت تعمل على تزوير وثائق الملكية وتغيير أرقام هياكل السيارات لتضليل أنظمة التتبع، ثم يتم شحنها أو تهريبها برًا لتباع في السوق الجزائرية بأسعار مغرية لكنها تظل مرتفعة بما يكفي لتحقيق أرباح طائلة للعصابة. هذه العمليات المعقدة أظهرت أن بعض الجرائم لم تعد أفعالًا فردية عابرة، بل جزء من مخططات أكبر ذات طابع دولي منظم.

وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، وفي مقاطعة هالتون الكندية التي تعد جزءًا من منطقة تورونتو الكبرى، أعلنت الشرطة عن عملية أطلقت عليها اسم Project Ninja، استهدفت شبكة من الجزائريين المقيمين في كيبيك كانوا يتنقلون إلى أونتاريو خصيصًا لسرقة سيارات فاخرة. على مدار ثلاثة أشهر من التحري، تمكنت الشرطة من ربط هذه الشبكة بسرقة أربعين سيارة، معظمها من طرازات SUV الفاخرة، بقيمة إجمالية تجاوزت ثلاثة ملايين دولار كندي. العصابة كانت تعتمد أسلوبًا تقنيًا متطورًا، حيث تعيد برمجة أنظمة تشغيل السيارات لإلغاء خصائص الحماية، ثم تنقل المركبات إلى مخابئ سرية تمهيدًا لبيعها أو تهريبها خارج البلاد. العملية أسفرت عن اعتقال أربعة أفراد وإصدار مذكرات اعتقال بحق أربعة آخرين، كما صادرت الشرطة معدات تقنية متطورة كانت تُستخدم في عمليات الاختراق الإلكتروني للسيارات.

في مدينة أليكانتي الإسبانية، نفذت الشرطة عملية نوعية في الميناء استهدفت شبكة تهريب سيارات مسروقة إلى الجزائر. العملية أسفرت عن ضبط سبع سيارات كانت معدة للشحن، اكتُشف أن أرقام هياكلها قد تم تغييرها، وأن وثائق التسجيل مزورة بعناية، كما استخدمت شهادات تسجيل مؤقتة لتجاوز الأنظمة الجمركية والضرائب. ألقي القبض على أربعة أشخاص من بينهم جزائريون، وكشفت التحقيقات أن هذه الشبكة مرتبطة بخطوط تهريب تشمل إسبانيا وفرنسا والمغرب العربي، وتعمل على أساس الطلب المسبق من مشترين في الجزائر.

من خلال تتبع هذه الوقائع المتسلسلة، من لندن إلى باريس، ومن بانكوك إلى تورونتو، ومن جنيف إلى أليكانتي، يتضح أن هذه الجرائم، رغم أنها صادرة عن أقلية، قد ساهمت في تشكيل صورة نمطية سلبية عن الجزائريين في أذهان بعض الرأي العام الدولي. وسائل الإعلام، مدفوعة بعامل الإثارة، تميل إلى إبراز هذه الحوادث على حساب القصص الإيجابية، ما يخلق انطباعًا مشوشًا قد ينعكس على فرص الاندماج والسفر والتعامل مع المؤسسات الرسمية في الخارج. مواجهة هذه الظاهرة تتطلب جهدًا جماعيًا، يبدأ بمعالجة أسبابها في الداخل مثل البطالة ونقص الفرص، ويمتد إلى التعاون الأمني الدولي لمحاصرة الشبكات المنظمة، إلى جانب إبراز النماذج الإيجابية من الجزائريين الذين يمثلون الوجه الحقيقي لشعب له تاريخ طويل في العمل الشريف والابتكار.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!

تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…