ديميستورا يعرّي التلاعب المروكي
ديميستورا يعيد عقارب ساعة المروك إلى موضعها بعد أيام من الارتباك والتفسيرات الخاطئة لقرار مجلس الأمن حول الصحراء الغربية. فقد أكّد ممثل الأمين العام والمبعوث الشخصي لقضية الصحراء الغربية، من بروكسل، أن مسار التسوية يقوم أساسًا على التفاوض بين المروك وجبهة البوليساريو وصولًا إلى استفتاء تقرير المصير، وهو ما يتماشى مع تصريحات مسعد بولس مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي أوضح بدوره أن أي حل في الصحراء الغربية لن يكون ممكنًا دون موافقة جبهة البوليساريو.
ما قدمته أذرع المخزن الإعلامية من تفسيرات تراوح بين الادعاء بأن مجلس الأمن اعترف بمروكية الصحراء، وبين قراءة مشوّهة لمفهوم الحكم الذاتي لا تصمد أمام أي منطق، سياسيًا كان أم قانونيًا. النظرة التي يروج لها المروك للحكم الذاتي تشبه بدعة مؤسساتية لا وجود لها في أي تجربة إنسانية سابقة، وتناقض كل نماذج الحكم الذاتي المعروفة من ألمانيا إلى بلجيكا وسويسرا. ولا يُستغرب هذا الطرح حين نلاحظ الاضطراب الواضح في الخطاب السياسي والإعلامي لدى المخزن، إذ يكفي أن وزير خارجية المروك نفسه اعتبر امتناع روسيا عن التصويت “هدية من بوتين لجلالة الملك”، وهو تصريح يكشف حجم سوء التقدير؛ ويكفي الاطلاع على مداخلة ممثل موسكو في مجلس الأمن ليدرك المرء أن القراءة المروكية لا علاقة لها بالواقع.
كلما تابعت “منطق” المروك، تزداد قناعتي بصعوبة عمل دبلوماسيينا في مواجهة هذا المستوى من التخبط في المحافل الدولية. وقد حدثني صديق صحراوي عن تذمّر دبلوماسيين أوروبيين من سلوك وفود المروك خلال الاجتماعات، إذ غالبًا ما يحضرون دون موقف واضح، وينتظرون التعليمات حتى اللحظة الأخيرة، لينتهوا إلى مواقف معاكسة لكل النقاشات التي شاركوا فيها. ورغم وجود نص قرار مجلس الأمن مكتوبًا وواضحًا، يواصل المروك ترويج روايات لا علاقة لها بمضمونه الحقيقي، بل يصل الأمر إلى تحريف مفهوم الحكم الذاتي ذاته، وكأنهم يجهلون التجارب المطبقة في العالم.
قرار مجلس الأمن يتحدث بوضوح عن التفاوض بين المروك وجبهة البوليساريو حول شكل الحكم الذاتي، بشرط موافقة الصحراويين عليه، وهذا يعني مباشرة انتقال سلطة إدارة الصحراء الغربية إلى ممثلي جبهة البوليساريو، مع نهاية أي وجود إداري أو عسكري للمروك فيها، والتزام الصحراويين بعدم التدخل في شؤون السياسة الخارجية والدفاع. كما أن الرموز الرسمية—بمن فيها الراية—ستعود لتمثيل جبهة البوليساريو. وهذا يجعل التصور المروكي للحكم الذاتي تصورًا فارغًا، بعيدًا عن أي مضمون حقيقي، كما اعتادت مملكة ما بين الوادين التي تفضّل الترويج للمغالطات بدل التعامل مع الوقائع.
ما يُطرح حول الحكم الذاتي من جانب المروك ليس إلا شعارًا بلا محتوى، يقوم على اعتبار الصحراويين مجرد مجموعة يجب أن تُعاد إلى “الصحراء المروكية” كما يتصورها المخزن. وهذا الطرح يتنافى مع كل المفاهيم السياسية والإدارية المتعارف عليها عالميًا. التخلف السياسي في مملكة ما بين الوادين—من وادي نون إلى وادي ملوية—لن يسهم في حل قضية الصحراء الغربية وفق قرار مجلس الأمن الأخير، حتى لو قبل الصحراويون الدخول في مفاوضات حول الحكم الذاتي. فقبول الحكم الذاتي، وفق المنطق الدولي، يعني تسليم إدارة الصحراء الغربية لجبهة البوليساريو وخروج المروك نهائيًا منها. يفعل البعض بأنفسهم ما لا يفعله بهم خصومهم؛ وهذا تمامًا ما ينطبق على المروك اليوم.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
المروك على حافة الانهيار الاقتصادي ويبحث منفذا عبر الجزائر
تكثّف دوائر المخزن في المروك خلال الأسابيع الأخيرة حملاتها الإعلامية الممولة عبر مقالات مد…







