الرئيسية في الواجهة فنون وثقافة رحيل الشاعر إبراهيم قرصاص: وداع صامت لصاحب أول ديوان شعري إلكتروني جزائري صادر عن أكبر دار نشر رقمية عالمية
رحيل الشاعر إبراهيم قرصاص: وداع صامت لصاحب أول ديوان شعري إلكتروني جزائري صادر عن أكبر دار نشر رقمية عالمية
يمر خبر وفاة الشاعر الجزائري إبراهيم قرصاص مرور الكرام على المؤسسات الثقافية في الجزائر، على الرغم من وزنه الشعري في الساحة الأدبية داخل الجزائر وخارجها. ومع أن أصدقاء الراحل ملأوا وسائل التواصل الاجتماعي بكلمات الوداع الرقيقة واستحضار الذكريات المشتركة، فإن ذلك يظل في غير مقام شاعر متواضع -على عظمة شعره- خدم الشعر في الظل دون أن يطمح لشهرة شخصية، وصنع الحدث الشعري وتم الاحتفاء به في بريطانيا، قبل أن يسقطه المرض مدة طويلة، ويغادر على أثرها بصمت الحكماء، دون ضجيج.
الشاعر الجزائري الذي رحل عنا منذ أيام، إبراهيم قرصاص، هو صاحب أول ديوان شعري جزائري إلكتروني، “انجراف الرأس في شارع الفيسبوك”. شاعر ملتزم بالخوض في قضايا مصيرية تتعلق بالأمة ومستقبلها، لم يكن شعره يقبل العاطفة المزيفة أو الانفعال الآني، ولم يسع للجوائز أو إرضاء جهات سيئة الهويات والأهداف مهما كانت العطايا. قال عنه الأديب الراحل الطاهر وطار إنه “حالة شعرية دائمة، يوم يفرح ويوم يحزن، يوم يعمل ويوم يتعطل”. ومع ذلك، اعتبر قرصاص أن شهادة العظماء الكبار من المفكرين والأدباء هي دائماً مخاطرة، مضيفاً: “لقد كان الأديب الكبير الطاهر وطار رحمه الله من المثقفين الذين لا يتسرب إليهم الزيف والنفاق والمجاملة على حساب الوعي والجمال والموقف، لذلك رأى أنني واحد من الذين يستحقون كلمة تاريخية، كان قد دوّنها على غلاف أول دواويني الشعرية الصادرة عن منشورات الجاحظية، التي أسسها بمكابدة وعناء وجهد، لم يستطع أغلب الأدباء والمثقفين الجزائريين تأسيسه في الظروف التي أحاطت آنذاك بمشروع كبير كمشروع الجاحظية، الذي حمل عنوانه الحضاري الكبير “لا إكراه في الرأي”، لذلك مازلت أشعر أن الطاهر وطار حمّلني مسؤولية عظيمة، عندما شرفني وكلّفني في الوقت نفسه بشهادة عظيمة، مازلت أستلهم منها قراءاتي المتنوعة في الأدب والسياسة والتاريخ، وأقول في كل مرة لنفسي: يجب أن أحفظ أمانة الطاهر وطار مهما كلفني ذلك من ثمن”. في ديوانه الإلكتروني “انجراف الرأس في شارع الفيسبوك” نجد لغة شعرية جديدة، حداثية القالب والروح، ابتداء من العنوان. ربما هي رغبة ذاتية في التفرد، أو محاولة لإيجاد لغة تتماشى مع العصر الذي تتسارع فيه الأفكار والتغييرات تسارع الثواني. عن ذلك قال قبل وفاته: “يجب أن أوضح في البداية أن هذا الديوان الإلكتروني صدر عن أكبر ناشر إلكتروني في العالم، وهو كتاب يتوفر على مواصفات الحماية الإلكترونية والقانونية من النسخ العشوائي والتحميل المتجني على المعلومة. كما أن الناشر يتوخى مواصفات الحماية من الجريمة الإلكترونية التي يشكو منها الجميع. وعندما تلقيت موافقة لجنة القراءة والنشر من الدار “إي- بوك” عرفت لماذا يولون في أوروبا الأهمية للإبداع، قبل كل عملية أخرى، على عكس ذهنية النشر التقليدي في عالمنا العربي. كما أن الناشر يعتمد تقنيات قراءة معيارية جديدة لا تتواجد لدى الناشرين في البلدان العربية، فهو لا يتخبط في الرقابة الفكرية، بقدر ما يهمه الجديد المستحدث في مضامين وأشكال المشروع، ومدى قدرته على الجدية في تقديم خلاص إبداعي جديد على كل المستويات المعرفية والعلمية والفنية والجمالية. لذلك أعتقد أنني أنطلق من أرض صلبة في العملية الإبداعية، وهي روح الأصالة وصدق الإشارة، دون اعتبار للأيديولوجيا والانتماء والولاء، الذي أغرق الأدب في مستنقعات لا تليق به كخطاب إنساني حضاري يتعالى فوق كل الحساسيات والأمراض والتعقيدات”. وقد أصدر الشاعر الراحل هذا الديوان -كأول تجربة إلكترونية جزائرية- في بريطانيا، ولم يُحتفَ به في بلده الجزائر. ولكن ذلك لم يزعجه، بل علّق: “كان الاحتفاء تقليداً وسلوكاً، ومازال، في المجتمعات الثقافية التي تحترم الثقافة والمثقف. غير أنها تحوّلت إلى الاحتفاء باللا حدث، في الجزائر، كما في كل البلدان العربية. مازال المثقفون واتحادات الكتاب يلهثون وراء سياقات ليست من اختصاصهم، فغيّبوا الفعل الإبداعي، وغاب عنهم الوعي الحضاري والحس بالجمال الذي نجده فقط في الشعر والمسرح والسينما والرواية، ولا نجده في بيانات التأبين وبيانات التنديد والتوصيات السياسوية العبثية. لذلك فإن مرور مشروعي الإلكتروني بلا احتفاء في الجزائر، هو أفضل له بكثير من الاحتفاءات المجاملاتية الخادشة للحياء. يكفي الأدباء في الجزائر –مع استثناء البعض منهم فقط، ممن حافظ على ماء وجهه– أنهم “أدباء شكارة” و”أدباء نزوات صبيانية”، ما يفسر التفشي الرهيب للجهل والفوضى التي عكّرت صفو الإنسان الجزائري والعربي عموماً، وجعلت منه مطيّة لمشاريع تفتيت خطير، سيأتي على الأخضر واليابس في أمة كان من المفروض أن غذاءها الأساسي هو الكتاب والمعرفة والذكاء والبحث عن مصادر القوة”. كان الراحل يقول إن الثقافة العربية تخسر في كل مرحلة تاريخية أشواطاً كبيرة للحاق بالإبداع البشري المتنوع. فالثقافة العربية في نظره “عجزت عن تكوين كيانات قوية في الأسرة وفي المدرسة وفي المصنع وفي المخبر وفي الشارع. لقد تأكد أن الثقافة الغربية/ الأوروبية أكثر إقناعاً على مستوى الذكاء والمعرفة، وأكثر من ذلك، تبيّن في هذا القرن الواحد والعشرين أن كل الجهود التي بذلها المثقفون العرب الذين هاجروا إلى أمريكا وأوروبا، لم يتعلموا شيئاً على صعيد الحضارة والقومية والهوية، بل إن ذروة ما أخذوه من علوم ما هي إلا تعليمات”. وأضاف: “العلمانيون العرب ظهر غباؤهم الحضاري والقومي صارخاً، والإسلاميون كذلك ظهر زيفهم وأطماعهم السلطوية بأكثر إيذاء من المشروعات الثقافية الغربية/ الإسرائيلية، بل وأخطر بكثير من كل المستشرقين والنّهضويين العرب. لتصطدم الأجيال العربية الجديدة بالزيف العربي، فلا قومية ولا قطرية ولا مشروع حضاري مستقل، وهي كارثة كونية على العرب. إذا لم يسارع الإنسان العربي إلى إعادة قراءة العالم من جديد وبأدوات جديدة، فإن الجميع سينتهي بمجرد “الضغط على الزر الإلكتروني”. وقد آمن الراحل دوماً أن المعركة الحقيقية تبقى بين العقل العربي -وعليه أن يثبت ذكاءه وينجح في الامتحان- وبين الانتليجانسيا الغربية ومن ورائها الثقافة الصهيونية. مقتطفات من قصيدة “نشيد أكيتارو” للشاعر الراحل إبراهيم قرصاص أستطيع أن ألغم السماء بالمفرقعات كما يحلو لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية أن يفعل من حقي اللعب لم تعد القصيدة تلد الرجال كما كانت تفعل صحراء العرب في الشرق الأقصى، فكر “نيشيدا” في حدائق الفلسفة وكيوتو من السابق لأوانه أن ترتفع ناطحات السحاب وتحتفل الأكواخ في سحب القرعة في حفل مليون خنزير على فضائيات الدجل لا يؤسف منظر العاهرة تكتحل لمنتصف الليل إنما يؤسف ضرب الطبل على طاولات مجلس الشيوخ والنواب والأمم الكناية التأملات الروحية اضطهدها الإسمنت المسلح على أرضية مطارات الدول الكبرى أن تحتال على مكالمة هاتفية أفضل من قضاء ليلة في أحضان ملكة جمال العالم وهي تختلس النظرات والقبل ما الفائدة من محاضرة الفيزياء والموتى ينشدون رصاص الفسفور والأحذية ويرتلون آيات لا يفقهونها منذ ما قبل الأزلاكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
“يسطرون” المصرية تصدر عملاً قصصيًا جزائريًا للكاتب زين الدين مرزوقي
أعلنت دار النشر المصرية “يسطرون للنشر” عن إصدار مجموعة قصصية جزائرية في فن الق…