‫الرئيسية‬ في الواجهة رأي الافتتاحية رسالة إلى برونو روتايو
الافتتاحية - 25 سبتمبر، 2024

رسالة إلى برونو روتايو

رسالة إلى برونو روتايو
تعود الاتفاقية الفرنسية الجزائرية لعام 1968، التي تنظم هجرة الجزائريين إلى فرنسا، إلى واجهة النقاشات السياسية من جديد بعد تعيين برونو روتايو وزيرًا للداخلية في فرنسا. حيث أعلن روتايو عن دعمه لمراجعة هذه الاتفاقية الثنائية.

ورغم أن الاتفاقية كانت في بدايتها مكسبًا للجزائريين، إلا أن التعديلات المتكررة التي شهدتها على مر السنين أفرغتها من محتواها الأصلي. ما كان في السابق وسيلة لضمان حقوق الجزائريين في العمل والإقامة أصبح، بفعل تلك التعديلات، يشكل عبئًا على المهاجرين الجزائريين، وأداة تُستخدم ضدهم في سياسات الهجرة الصارمة. باتت الاتفاقية نقمة بدلًا من أن تكون نعمة، حيث أصبحت تفرض قيودًا أشد على الجزائريين مقارنة بمواطني الدول الأخرى.

إذا كان وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو يطمح حقًا لتعديل أو إلغاء الاتفاقية الفرنسية الجزائرية لعام 1968، والقضاء على الهجرة الشرعية وغير الشرعية، فإن عليه أن يبدأ بإعادة الأموال المنهوبة أو “الحارقة” التي وجدت ملاذًا في البنوك الفرنسية دون رقابة أو محاسبة. فشباب الجزائر الذين يهاجرون، لا يسعون سوى وراء أموالهم المنهوبة. لو تمت إعادة هذه الأموال إلى الجزائر، لساهمت في تحريك عجلة الاقتصاد وخلق فرص عمل، ما سيقلل من دوافع الهجرة بشكل كبير.

وللتعامل مع ملف الهجرة من جذوره، لا بد من اتخاذ خطوات أكثر عدالة، ومنها تسليم المطلوبين من قبل العدالة الجزائرية المتورطين في الإرهاب والفساد والابتزاز، والذين استغلوا فرنسا كملاذ آمن أيضًا. فاستمرار وجود هؤلاء المطلوبين في فرنسا يقوض أي جهود لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة التي تعود حقًا للشعب الجزائري.

ولا أرغب في الخوض في الجوانب القانونية المتعلقة بصلاحيات الوزير في تعديل أو إلغاء الاتفاقيات الدولية، لأن هذا النقاش قد يُستخدم للتهرب من الحلول الجذرية. القضية ليست فقط مسألة صلاحيات، بل مسؤولية أخلاقية تجاه حقوق الشعب الجزائري وأمواله. إذا كانت فرنسا جادة في معالجة ملف الهجرة، فعليها أن تبدأ بإعادة الأموال المنهوبة وتسليم المطلوبين للعدالة، وهو ما سيعزز العلاقات بين البلدين ويعالج الأسباب الحقيقية وراء الهجرة.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

القضاء يطوي صفحة ساركوزي.. أول رئيس فرنسي يدخل السجن يوم 21 أكتوبر

يدخل نيكولا ساركوزي التاريخ من أوسع أبوابه، لا كرجل دولة استثنائي كما أراد لنفسه ذات يوم، …