“ساس غولين” رواية شبابية تحمل رؤية فلسفية وإنسانية في قالب تشويقي معاصر
يواصل الأدب الجزائري في السنوات الأخيرة رفد الساحة الثقافية بأصوات جديدة شابة، تسعى إلى تقديم مشاريع أدبية مختلفة شكلاً ومضمونًا. ومن بين هذه التجارب اللافتة يبرز الكاتب الشاب بوقفطان عبد الله، الذي يخطو أوّل خطواته في عالم الكتابة الروائية بإصدار “ساس غولين”، الصادرة عن دار الماهر للطباعة والنشر والتوزيع، والمشاركة حاليًا في فعاليات الصالون الدولي للكتاب بالجزائر 2025.
ويُعدّ حضور الرواية في هذا الحدث الثقافي الكبير محطة مهمة في مسار مؤلفها، الذي لم يتجاوز السادسة عشرة من العمر، بالنظر إلى طبيعة العمل وما يحمله من أبعاد رمزية وفلسفية تتجاوز سن الكاتب، وهو ما لفت انتباه القراء والناشرين في جناح الدار.
تعتمد الرواية على مزج محكم بين الواقع والخيال، عبر بناء عالم متخيل ينطلق من مغارة غامضة في عمق الصحراء الجزائرية، لم يسبق لأحد اكتشافها. ومن هذا الفضاء ينطلق البطل في رحلة داخل “عالم موازٍ” تحكمه قوانين صارمة يسودها الظلم والاستبداد، ليجد نفسه أمام معركة وجودية تتطلب مواجهة الحقيقة أو البقاء أسيرًا لهذا العالم الغريب.
وتقدّم الرواية، من خلال هذا الطرح الرمزي، قراءة فكرية في واقع الشباب الجزائري، خصوصًا خريجي كليات الطب، إذ تُسقط المغارة والعالم الموازي على الحياة المهنية والاجتماعية التي يعيشها الشباب، بما تحمله من ضغوط وعراقيل وتحديات. كما تتناول مفاهيم عميقة مثل الوجود، الحرية، والبحث عن الذات، في قالب سردي تشويقي قائم على تصاعد الأحداث وتدرّجها.
ويتميّز العمل بأسلوب لغوي سلس يزاوج بين الوصف والتحليل، ويمنح القارئ مساحة للتأمل في دلالات الأحداث ورموزها. كما تكشف الرواية عن جرأة في المعالجة واعتماد رؤية تسعى لربط الأدب بواقع المجتمع، عبر إظهار صراع الفرد بين طموحاته ومحيطه.
بوقفطان عبد الله، الذي ينحدر من بلدية بربوش بولاية عين الدفلى، من مواليد 2009، ويدرس في السنة الثالثة ثانوي، يُظهر من خلال تجربته الأولى نضجًا مبكرًا واهتمامًا واضحًا بعوالم السرد والأدب. ويؤكد مقربون منه أن القراءة والكتابة شكّلتا جزءًا أساسيًا من يومياته منذ سنوات، وأن خوضه تجربة النشر جاء بدافع الرغبة في التعبير عن قضايا تهم جيله، وليس بهدف خوض تجربة عابرة.
وتمثّل “ساس غولين” إضافة جديدة للمشهد الأدبي الشبابي في الجزائر، وتعكس ديناميكية الجيل الجديد من الكتّاب، الذين يسعون إلى تقديم أعمال تجمع بين الخيال والتأمل، وبين الطموح الشخصي والرغبة في المساهمة في الحراك الثقافي الوطني.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
“فيض المشاعر”.. إصدار أدبي يُلامس القلب ويجمع بين الشعر والخواطر والرسائل
صدر حديثًا للكاتبة الجزائرية شيماء ڨرفي كتابها الجديد فيض المشاعر، الذي يشكّل تجربة أدبية …






