سباق محموم فرنسي ألماني بريطاني على ريادة الاتحاد الأوروبي
الطلاق المرتقب بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وبداية رسم محور استراتيجي جديد يمتد من بكين إلى واشنطن مرورًا بموسكو، أطلق العنان وحمى التنافس بين بريطانيا وفرنسا وألمانيا بحثًا عن السيطرة على دول الاتحاد الأوروبي، وخاصة سوق السلاح الضخم الذي حددت له المفوضية الأوروبية ميزانية قدرها 800 مليار يورو.
بدأت الحملة الفرنسية بقيادة الرئيس ماكرون، الذي اعتبر روسيا عدوًا يشكل خطرًا على الأمن الأوروبي، ويجب التحضير لمواجهتها عسكريًا. كما يعرف في العلم العسكري، فإن تحديد العدو هو المحرك الأساسي لوضع الخطط العسكرية، وطبعا السلاح هو مكونها الأكبر. ولم تمضِ إلا أسابيع على خطاب ماكرون الذي تبناه بعض قادة أوروبا مثل البولندي دونالد تسك، والألماني الأصل، والبريطاني، والهولندي، والبلجيكي، وبدأت المرحلة الثانية من الحملة الآن، وهي التخويف من الطائرات الأمريكية “إف-35” بالقول إن أمريكا هي من تتحكم عن بعد في سيرها، وإذا رفضت تنشيط البرنامج الداعم لها فلن يستطيع أحد استخدامها. جاء هذا الكلام على لسان مارين لوبان نفسها، مما يشرح وجود حملة منسقة ومنظمة ضد السلاح الأمريكي في أوروبا، وتخويف الأوروبيين من اقتنائه. والهدف بالطبع واضح: بيع الطائرات الفرنسية أو في الأحسن الأحوال الاتجاه إلى صناعة طائرات أوروبية مشتركة، وطبعا فرنسا ستكون الجزء الأساسي من هذا المشروع نظرًا لما تملكه من خبرات وتكنولوجيا في هذا المجال.
وللتذكير، فإن حملة فرنسا ضد السلاح الروسي الذي وصفه أحد المتحدثين عن لسانها بـ “السلاح الخردة” دون أن يشرح لنا كيف انتصر هذا السلاح في كل الحروب التي شارك فيها، وآخرها الحرب الأوكرانية. كيف لا ينام الحلف الأطلسي بمجرد تحليق الطائرة “الميج 29” أو “السوخوي 57” أو تحريك صاروخ “صارمات” الأول أو الثاني، “الشيطان” كما يسميه الحلف الأطلسي؟
سياسة ترامب التي ترفض العلاقات بين أمريكا وقيادات الاتحاد الأوروبي ككتلة، كما حدث في رفض استقبال السيدة كاياك لاش، ممثلة العلاقات الخارجية وأحد أبرز الشخصيات الكارهة للروس كجنس بشري، وفضلت الآن العلاقات المباشرة مع حكومات البلدان الأوروبية، ما فتح المجال واسعًا لصراع القيادة الأوروبية الغربية بين فرنسا وألمانيا وبريطانيا لخلافة أمريكا. ونحن في بداية معارك طاحنة لم تستقر بعد على اتجاه معين. فرنسا تعاني اقتصاديًا، ولكن ألمانيا لديها من القدرات المالية ما يؤهلها لإنتاج أسلحة متطورة تعيدها إلى الصدارة، بشرط إيجاد عدد هائل من المهاجرين ليكونوا الجيش الألماني القادم في ظل تراجع نسب الولادات وتقدم مخيف لمستوى الشيخوخة في البلد. وهناك حديث عن جيش ألماني مكون من الأكراد.
بريطانيا تعيش هروبًا جماعيًا لأغنيائها بالآلاف منذ أن خرجت من الاتحاد الأوروبي، والنزيف مستمر إلى الآن، فقدت الكثير من جاذبيتها السياسية المعهودة. جيشها ضعيف، وأسلحتها تعاني من صعوبة الترقية لتواكب المنافسة العالمية الحالية.
ترامب خلط كل الأوراق في أوروبا، واعترف بانتصار بوتين في حرب أوكرانيا، مما فاقم من حدة الأزمات الأوروبية سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، وكشف عن ضعفهم السياسي أمام العالم. وما ردود أفعالهم الحالية إلا تحركات صبيانية، ولا أمل في نجاحها على المدى المتوسط.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…