صنصال وطابور الحركى 2.0: بين الخيانة التاريخية والادعاءات المسمومة
أثار توقيف الكاتب بوعلام صنصال في الجزائر موجة من الجدل، وكانت المفاجأة التي دفعتني للبحث في خلفيات هذا الشخص تتعلق بتصريحاته السابقة التي لطالما أثارت الاستغراب. بوعلام صنصال الذي كان يُعتبر في بعض الأوساط “مثقفًا”، أصبح في الآونة الأخيرة نموذجًا للمثقفين الذين يتبنون مواقف مشبوهة، خاصة فيما يتعلق بالكيان الصهيوني وادعاءاته بشأن وحدة الجزائر الترابية.
في الآونة الأخيرة، تطاول صنصال على تاريخ الجزائر، حيث قال في تصريحات له إن الغرب الجزائري كان تابعًا لما يسمى بمملكة المغرب. هذه الادعاءات لا تخرج عن كونها محاولات عبثية لتشويه التاريخ الجزائري العريق، الذي يمتد جذوره إلى عمق الحضارات الإنسانية. الجزائر التي أسس فيها ماسينيسا مملكة نوميديا في 203 قبل الميلاد، لها حدود واضحة تم توثيقها من قبل أعرق المؤرخين والجغرافيين مثل ابن خلدون، الذي أكد أن الحدود الغربية للجزائر تنتهي عند وادي ملوية.
كيف لشخص يدعي أنه مثقف أن يتجاهل هذه الحقائق التاريخية الواضحة؟ بدلًا من أن يكون صوتًا يعبر عن تاريخ بلاده، اختار صنصال أن يصبح أداة في يد أجندات مشبوهة تسعى لتشويه تاريخ الجزائر وتفكيك وحدتها. لا يمكن تجاهل حقيقة أن الجزائر عاشت مسارًا طويلًا من الكفاح من أجل سيادتها، سواء ضد الاستعمار الفرنسي أو ضد محاولات الهيمنة الخارجية.
صنصال، الذي يبدو أنه لم يقرأ أو يطلع على بطولات الأمير عبد القادر أو الثورة الجزائرية، أطلق ادعاءات لا تستند إلى أي أساس تاريخي، متجاهلًا الحقائق التي تكشف عن الجزائر كدولة ذات سيادة، قادرة على حماية ترابها ووحدتها. التاريخ يشهد أن الجزائر لم تكن يومًا تحت سيطرة المخزن المغربي، بل كانت دائمًا كيانًا مستقلًا وموحدًا.
إن محاولات صنصال والمجموعة التي تروج لها من الطابور الخامس من “الحركى الجدد”، تهدف إلى نشر الأكاذيب حول حقيقة الجزائر، وليس الهدف منها سوى محاولة زعزعة استقرار البلاد. هذه المحاولات لا تمر إلا عبر منابر إعلامية لا ترى سوى خدمة أجندات خارجية، بعيدًا عن الحقيقة التاريخية.
من الحقائق التي لا يمكن تجاوزها هي أن الجزائر، بكل محطاتها التاريخية، لم تكن يومًا جزءًا مما يُسمى بالمملكة المغربية، بل كانت دائمًا أمة ذات سيادة، ومؤرخو العالم أجمع شهدوا بذلك. حتى اتفاقية لالة مغنية التي أبرمتها فرنسا مع المغرب بشأن بعض الحدود، أكدت على أن وجدة كانت جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي، ما يعكس أن هذا الطابور الذي يروج للادعاءات الوهمية لا يعدو كونه محاولة يائسة للمساس بسيادة الجزائر.
إن الجزائر، بتاريخها العميق في الحضارة، وآثارها التي تشهد على قوتها وتاريخها المشرف، لا تحتاج إلى شهادة من صنصال وأمثاله. هذه الأرض التي شهدت نشوء أولى الحضارات وتاريخ أبطالها الذين خاضوا أعتى الحروب من أجل الحفاظ على استقلالها، ستظل شامخة لا تنال منها الأكاذيب والتشويش.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…