‫الرئيسية‬ في الواجهة أحوال الناس عدل 2 – مشروع 10507 مسكن: الأشغال تتعثر والآجال تتبخر!
أحوال الناس - الأولى - الوطني - 14 يوليو، 2025

عدل 2 – مشروع 10507 مسكن: الأشغال تتعثر والآجال تتبخر!

عدل 2 – مشروع 10507 مسكن: الأشغال تتعثر والآجال تتبخر!
رغم مرور أكثر من اثني عشر عامًا على إطلاق برنامج “عدل 2″، لا تزال آلاف العائلات الجزائرية تنتظر استلام سكناتها في ظل تأخرات متكررة، خاصة في عدد من المشاريع الكبرى على غرار مشروع 10507 سكن، الذي يُعد من أكبر وأهم المواقع السكنية المدرجة ضمن هذه الصيغة.

فمنذ الإعلان عن هذا البرنامج الطموح سنة 2013 من قبل وزارة السكن والعمران والمدينة، ساد شعور بالأمل في أوساط الطبقة المتوسطة، التي بادرت بالتسجيل وسداد الدفعات الأولى بكل التزام، آملة في الحصول على سكن لائق في ظرف زمني معقول. غير أن الواقع اليوم يبدو بعيدًا عن تلك الآمال، إذ تشهد مشاريع عديدة تأخرًا واضحًا، وأبرزها المشروع قيد الحديث، الذي تحوّل إلى نموذج يعكس عمق الإشكالات التي تواجه تنفيذ هذا البرنامج على الأرض.

في زيارة ميدانية أجراها السيد طارق بلعريبي، وزير السكن والعمران والمدينة، بتاريخ 29 ماي 2025، وقف شخصيًا على التأخرات المسجلة في هذا الموقع، وعبّر بصراحة عن استيائه من وتيرة الإنجاز، مؤكدًا  أن “أي تأخر غير مبرر من قبل المؤسسات المنجزة يعتبر إخلالًا بالعقد ويستوجب اتخاذ إجراءات ردعية”. وقد شدّد الوزير حينها على ضرورة اعتماد نظام العمل بالتناوب 3×8 لتسريع وتيرة الإنجاز، وتعويض التأخير المتراكم، لاسيما في الورشات الكبرى التي تعرف بطئًا حادًا.

ورغم هذه التعليمات الصارمة، إلا أن الوضع في موقع 10507 مسكن لم يعرف التحسن المنشود، وهو ما أكدته تقارير إعلامية عدة التي وصفت المشروع بـ”الورشة المتوقفة جزئيًا”، مشيرة إلى أن عدد العمال الميدانيين لا يتناسب مع حجم الأشغال المطلوب إنهاؤها في أقرب الآجال. كما أوردت الجريدة شهادات من مكتتبين أبدوا استياءهم من غياب التقدم الميداني، رغم الوعود المتكررة التي تلقوها من وكالة عدل.

ويُلاحظ المتابع للشأن السكني أن العديد من الورشات التابعة لبرنامج عدل 2 تُعاني من نفس الاختلالات، وأهمها، ضعف التنسيق بين المؤسسات المنجزة، نقص اليد العاملة المؤهلة، غياب آليات مراقبة صارمة من طرف الجهات المشرفة، وتأخرات في عمليات التهيئة الخارجية، والربط بالشبكات الحيوية (ماء، كهرباء، غاز، صرف صحي). هذه النقاط تم التطرق إليها أيضًا في تقرير نشرته قناة البلاد، التي استعرضت مشاهد مصورة من مواقع “عدل 2” عبر الوطن، أبرزت فيها الفوارق الشاسعة في نسب الإنجاز بين موقع وآخر، مشيرة إلى أن “النجاح في بعض الولايات لا يُخفي الإخفاق في أخرى، خاصة في مشاريع كبرى مثل 10507 سكن”.

من جهتهم، يعبّر المكتتبون المنتمون إلى هذا المشروع عن خيبة أمل متكررة، حيث أصبحوا في مواجهة وضع ضبابي، تغذّيه قلة الشفافية من جهة الجهات الوصية، وغياب تحديد دقيق لمواعيد التسليم. ويؤكد بعضهم، عبر صفحات تنسيقيات “عدل 2” في مواقع التواصل الاجتماعي، أنهم يشعرون بأنهم في “وضعية انتظارية أبدية”، رغم أنهم أوفوا بكافة التزاماتهم المالية.

وما يزيد الوضع سوءًا هو أن نظام 3×8، الذي أوصى به الوزير، لم يُطبّق فعليًا على أرض الواقع، رغم أن تجربته أثبتت فعاليتها في بعض مشاريع العاصمة، كما أكده المدير العام لوكالة عدل، السيد عبد الرحيم بوشامة، خلال ندوة صحفية عقدها في 15 جوان 2025، نُشرت تفاصيلها في وكالة الأنباء الجزائرية. وأوضح حينها أن “النجاح في العاصمة وتيبازة يرجع إلى تطبيق هذا النظام، وأنه سيتم تعميمه على باقي الولايات”، غير أن الميدان، وتحديدًا في موقع 10507، لا يعكس ذلك حتى اليوم.

كل هذه المعطيات تُفرز حالة عامة من فقدان الثقة، ليس فقط في مستوى المؤسسات المشرفة، بل في جدوى الوعود الرسمية نفسها، وهو ما قد تكون له تداعيات نفسية واجتماعية خطيرة، في ظل ما يشكّله السكن من عامل استقرار أساسي في حياة المواطنين. وإذا استمر هذا التأخر دون معالجة جذرية، فإننا نخشى أن يفقد برنامج عدل 2 روحه ومصداقيته، خصوصًا إذا غابت المحاسبة وواصلت الجهات المعنية تقديم وعود دون نتائج ملموسة. فالمواطنون لم يعودوا يطلبون سوى تنفيذ ما وُعدوا به، وليس امتيازات إضافية أو إعفاءات، بل فقط حقهم المشروع في سكن دفعوا ثمنه وانتظروا سنوات من حياتهم على أمل استلامه.

لذلك، فإن المطلوب في هذه المرحلة هو تفعيل فوري لقرارات الوزير، مع تسليط الرقابة الصارمة على الورشات، ونشر تقارير دورية عبر وسائل الإعلام الرسمية تبرز نسب التقدم الفعلي، وتكشف عن الإجراءات المتخذة ضد المقاولات المتقاعسة. كما أن من الضروري فتح قنوات تواصل رسمية مع المكتتبين، تعكس احترام الدولة لمواطنيها، وتعيد بعث روح الشفافية والالتزام المؤسساتي الذي يجب أن يكون في صلب كل مشروع وطني.

إن مشروع 10507 سكن ضمن صيغة عدل 2، لم يعد مجرد ورشة بناء أو رقم في سجلات وزارة السكن، بل أصبح رمزًا لصراع المواطن مع الانتظار، ومقياسًا لمدى قدرة الإدارة على تنفيذ وعودها في الميدان. وإذا لم يُتخذ القرار الحاسم الآن، فإننا سنكون أمام أزمة ثقة متفاقمة، لا تُحل بخطاب أو تطمينات، بل تحتاج إلى رؤية واضحة، وإجراءات عملية، ومسؤولين ميدانيين يعملون على إعادة الروح لهذا المشروع الوطني الذي علّق عليه الجزائريون الكثير من الآمال.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

لقاء موسّع بين وزير الاتصال والنقابات…

يواصل وزير الاتصال زهير بوعمامة خطواته الميدانية لإعادة بعث ديناميكية جديدة في قطاع الإعلا…