‫الرئيسية‬ الأولى عطّاف يطيح بمحاولات الإخوان لتلغيم الموقف الجزائري
الأولى - الحدث - الوطني - رأي - مقالات - ‫‫‫‏‫25 دقيقة مضت‬

عطّاف يطيح بمحاولات الإخوان لتلغيم الموقف الجزائري

عطّاف يطيح بمحاولات الإخوان لتلغيم الموقف الجزائري
 اختارت الجزائر أن تقدّم موقفها بوضوح وشفافية من خلال ندوة صحفية عقدها وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف بمقر الوزارة، في لحظة سياسية دقيقة أعقبت التصويت على القرار المتعلق بغزة داخل مجلس الأمن الدولي، مؤكّدًا أنّ الجزائر تعاملت مع النقاش الدبلوماسي المتعلق بالقرار من منطلق وطني قائم على احترام مبادئها وثوابتها تجاه القضية الفلسطينية، وفي الوقت ذاته منطلق من قراءة واقعية للأولويات الإنسانية والسياسية الملحّة في قطاع غزة. وقد شدّد الوزير على أنّ الجزائر كانت من الدول التي ساهمت بفعالية في تعديل نص القرار، وأن ما تم إدخاله من تعديل كان “بالغ الأهمية” لضمان عدم المساس بالحقوق الفلسطينية الأساسية، مستندًا في ذلك إلى ما أكدته وكالة الأنباء الجزائرية في تغطيتها الرسمية، وإلى ما عرضه هو نفسه خلال الندوة من تفاصيل المفاوضات داخل أروقة المجلس.

وعرض عطّاف خلال الندوة الخلفيات التي اعتمدتها الجزائر في تصويتها، ومنها الأولوية القصوى لتثبيت وقف إطلاق النار، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وفتح المجال أمام المساعدات الإنسانية دون قيود، وإطلاق عملية إعادة الإعمار. وأكد أن الجزائر تصرفت ضمن إطار عربي وإسلامي موحد، وأن التنسيق مع البعثة الفلسطينية والدول العربية كان حاضرًا في جميع مراحل التفاوض، معتبرًا أن الهدف النهائي للحراك الدبلوماسي هو الحفاظ على وحدة الموقف وعدم السماح بتشتيت الجهود أو توظيفها بما لا يخدم القضية.

وخلال حديثه مع الصحفيين، تطرّق الوزير أحمد عطّاف إلى البيان الذي جرى تداوله بعد التصويت ونُسب إلى ما سُمِّي بـ“الفصائل الفلسطينية”. وقد أوضح موقفه بعبارات مباشرة وصريحة قائلاً: “البيان الوحيد هو بيان الفصائل الفلسطينية. أنا بالنسبة لي هذا البيان مجهول المصدر. موقَّع باسم الفصائل الفلسطينية، لكنه مبهم المقصد بالنسبة لي حين قرأته، وقد وصلتني نسخة منه.” ثم استكمل الوزير موضحًا خلفية هذا التقييم بقوله: “لماذا أقول هذا الكلام؟ لأن مرجعنا هو منظمة التحرير الفلسطينية، ومرجعنا هي السلطة الفلسطينية التي نتعامل وننسّق معها فيما يخص الشأن الفلسطيني.” وقد شكّل هذا التصريح رسالة واضحة بأن الجزائر لا تأخذ إلا بالمراجع الفلسطينية الشرعية المعترف بها دوليًا وعربيًا، وأنها لا تعتمد أي بيانات مجهولة أو غير رسمية يمكن أن تستغل لخلق حالة من التشويش أو التضليل في الساحة الداخلية أو الخارجية.

وما يلفت الانتباه أن الوزير عطّاف، باختياره عقد ندوة صحفية مباشرة بعد التصويت، حرص على أن يضع الرأي العام في صورة الموقف الرسمي دون ترك المجال للفراغ المعلوماتي أو التأويلات التي عادة ما تستغلها بعض الأطراف لإثارة الجدل أو خدمة أجندات خارجية. وقد كان واضحًا أن جزءًا من هذا التشويش تصنعه الأذرع الإعلامية والسياسية المحسوبة على التيار الإخواني داخل الجزائر وخارجها، والتي سعت إلى توجيه الخطاب نحو قراءة مغلوطة للموقف الجزائري ومحاولة تحميله ما لا يحتمل. وجاءت الندوة الصحفية لتغلق الباب أمام هذه المحاولات، وتعيد ضبط النقاش على أساس الحقائق، بعيدًا عن الحملات المنظمة التي تتقاطع في كثير من الأحيان مع أجندات لا تخدم المصالح الوطنية ولا تعبّر عن موقف المؤسسات الشرعية في فلسطين أو الجزائر.

وبالنظر إلى مختلف عناصر هذا المسار، يمكن القول إن الجزائر قدّمت في هذا الملف نموذجًا يجمع بين ثبات المبدأ الوطني تجاه القضية الفلسطينية وبين التفاعل الواعي مع ديناميكيات الساحة الدولية. تعديلها لصيغة القرار، ثم شرحها للرأي العام بكل وضوح، وتأكيدها التعامل الحصري مع المؤسسات الفلسطينية الشرعية، كلها خطوات تبرز دبلوماسية مسؤولة تجمع بين العمل في الخارج والتحصين في الداخل. وهو نهج يعكس وعيًا سياسيًا متقدمًا، ويؤكد أن الجزائر تنتهج رؤية واضحة في التعاطي مع القضايا الدولية الحساسة، رؤية تقوم على حماية المبادئ من جهة، وحماية الرأي العام من التضليل من جهة أخرى.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

مقري يستثمر دماء غزة لاستهداف الموقف الجزائري

من يتابع طريقة عبد الرزاق مقري في التعاطي مع الأحداث الوطنية والدولية، يلمس بسهولة ذلك الإ…