قضية فلسطين وقمة الاتحاد الأوروبي
قادة الاتحاد الأوروبي يطالبون بوقف فوري لإطلاق النار في غزة دون شروط مسبقة، وفي الوقت نفسه يدينون هجوم حماس في 7 أكتوبر، مبررين بذلك ما يعتبرونه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. إذن، الدمار الذي تسببت فيه إسرائيل، حسب قادة الاتحاد الأوروبي، يُعتبر دفاعًا. والسؤال هنا، كيف سيكون الهجوم الإسرائيلي إذن؟
القادة يتحدثون عن ضرورة امتثال إسرائيل لقرار محكمة العدل الدولية الذي يحثها على وقف العدوان ضد قطاع غزة، ويعتبرون أن قرار المحكمة إلزامي التطبيق. كما يطالبون إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية. البيان الختامي يؤكد على القضايا الإنسانية، لكنه خالٍ من أي جملة قد تشكل ضغطًا على إسرائيل، مثل تعطيل التعاون الأوروبي الإسرائيلي أو فرض عقوبات ضد إسرائيل أو أي شكل من أشكال الضغط التي يمارسها الاتحاد الأوروبي على أي دولة أخرى. فلو قتلت شرطة أي دولة كلبًا في الشارع، يعتبر ذلك انتهاكًا لحقوق الحيوان، يُندد به ويُهدد بفرض العقوبات على البلد المرتكب لهذه الجريمة.
لم يُشر البيان إلى التعهد الأوروبي للجانب العربي في قمة سابقة بأنهم سيطلبون اجتماعًا لمجلس الشراكة الإسرائيلي الأوروبي من أجل رفع احتجاجات رسمية من الاتحاد إلى الجانب الإسرائيلي. واختفى هذا الأمر رغم أن الإعلان عنه كان رسميًا من جوزيف بوريل أمام الإعلام في مؤتمر صحفي رسمي بقاعة المؤتمرات في المجلس الأوروبي. وحسب بعض المصادر، فإن إسرائيل هي التي رفضت الامتثال لطلب الاتحاد الأوروبي عقد مجلس الشراكة.
القيادات الأوروبية، ورغم إعادة تأكيدها في البيان الختامي تمسكها بحل الدولتين وأن تكون الدولة الفلسطينية مستقلة وقابلة للحياة، تعرف جيدًا أن هذا المبدأ ترفضه إسرائيل، وقد دمرت كل المنشآت التي مولها الاتحاد الأوروبي من أجل تأسيس دولة فلسطينية مستقلة، ومنها مطار غزة. ولم يقدم الاتحاد أي احتجاج رسمي على ما قامت به إسرائيل بتدمير المنشأة التي بُنيت بأموال دافعي الضرائب الأوروبيين. يبدو أن همهم الوحيد هو توفير الغطاء السياسي وربح الوقت لتمكين إسرائيل من الانتهاء من مهمتها القذرة وهي تصفية قضية غزة.
القمة الأوروبية لم تتحدث عن أي آلية ضغط على إسرائيل من أجل إجبارها على وقف إطلاق النار، رغم أنها تقول بوجوب أن يكون فوريًا، ولكن طبعًا طوعي حسب إرادة نتنياهو وأجندته. وبقي البيان يدور في فلك الحديث عن القضايا الإنسانية والدعم وإدخال الطعام والمساعدات، وهو يشبه بيان أي منظمة إنسانية، ويخلو من أي قرار سياسي ردعي يضغط على إسرائيل، ربما باستثناء التنديد بعمل المستوطنين اليهود المتطرفين.
ويبقى السؤال المطروح، لماذا نرى عنترية زائدة عن حدها للاتحاد الأوروبي ضد أي دولة أخرى ويهددها بفرض العقوبات بينما يسكت عن جرائم إسرائيل التي قتلت الأطفال والنساء ودمرت المساكن وشردت الآلاف من العائلات؟ هذا يسمى التواطؤ ولا أجد له وصفًا آخر.
لخضر فراط صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…